هكذا بدت غزة بعد مجزرة الاثنين
7 عقود تطوي صفحاتها من تاريخ القضية الفلسطينية، سُطّرت مع بداية عقدها الثامن بالدم وتضحيات شعب يقاتل وحده ضد آخر احتلال على وجه الأرض.
غزة بداية الشرارة التي أعلنت غضبها ضد نقل سفارة أمريكا من "تل أبيب" للقدس المحتلة، فخرجت رفضاً لـ"صفقة القرن" والحصار، ومطالبة بالعودة.
وأمس الاثنين، شهد أبشع مجزرة في ذكرى إعلان تأسيس ما تسمى "دولة إسرائيل"، فقتلت قوات الاحتلال أكثر من 55 فلسطينياً وأصابت المئات.
النضال السلمي في غزة لا يتوقف وكذلك المقاومة المسلحة، فضلاً عن جماهير غفيرة مؤمنة بحق العودة، تجمعت في أسخن منطقة حدودية لمواجهة "إسرائيل" سلمياً.
حزن وغضب كبيران أصابا المدينة المحاصرة صباحاً، فأعلنت الإضراب، وخلت الشوارع من المارة والمركبات، إلا على الحدود التي تعيد رؤيتها من بعيد أمل العودة من جديد.
لكن الآمال التي يرسمها الفلسطينيون بالعودة إلى ديارهم، ما تزال معلّقة بسُحب سوداء تلبّد سماء قطاع غزة الثائر بنار السلمية وحجارة المقاومة ضد واحد من أجرم جيوش العالم، تحاول دول عربية أن تجهضها عبر دعوتها للتطبيع وتلويحها بضرورة القبول بـ"صفقة القرن".
وصفقة القرن هي تسمية أطلقتها واشنطن من أجل "حل القضية الفلسطينية" عبر الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، ومنح الفلسطينيين عاصمة أخرى.
وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أمس الاثنين، الحداد لمدة 3 أيام على شهداء غزة، والإضراب العام في جميع الأراضي الفلسطينية بمناسبة الذكرى السبعين للنكبة.
كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حداداً وطنياً في تركيا ثلاثة أيام، تبدأ اليوم الثلاثاء؛ من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني.
فيما أكدت عدة دول أنها لن تنقل سفارتها للقدس، وأدانت استخدام قوات الاحتلال "القوة المفرطة تجاه المدنيين".
وبدا تشييع الشهداء في غزة، هادئاً هذه المرة، فدفنوا شهداءهم سريعاً وعادوا غاضبين مجددا نحو الحدود التي لا تهدأ ولا تكل عزيمتها.
وتمر اليوم، في 15 مايو الجاري، على أكثر من 12 مليون فلسطيني موزَّعين في بقاع مختلفة من العالم، الذكرى الـ70 لفقدان الفلسطينيين والعرب والمسلمين فلسطين عام 1948، بأرضها وبيوتها وزرعها وإرثها الثقافي كاملاً.
واليوم يعد ذروة المسيرات التي انطلقت منذ 30 مارس وتعرف باسم "مسيرة العودة الكبرى"، والتي تنبئ الأوضاع باستمرارها، طالما بقي الحصار، واستمر التعنت الأمريكي، والعدوان الإسرائيلي.
في الأثناء، يواصل عشرات المستوطنين المتطرفين اقتحاماتهم اليومية للمسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة.
كما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استنفار قواته على امتداد الحدود الشرقية لقطاع غزة؛ خشية من تجدد التظاهرات السلمية إحياء للذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، ورفضًا للقرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس المحتلّة.
هكذا تبدو ذكرى النكبة هذه المرة، حالة نضال عامة، استطاعت إعادة الاعتبار للتيار الشعبي الغائب في المشهد الفلسطيني، وكذلك إثبات وجود الإرادة لدى الشعب، والتأكيد على الرغبة في العودة.
وكدليل على رمزية المسيرة وسلميتها واستمراريتها، نصب الفلسطينيون خياماً في مناطق متفرقة من الأراضي المتاخمة للسلك الحدودي الفاصل بين "إسرائيل" وقطاع غزة، وحملت أسماء مدن وقرى فلسطينية مهجّرة عام 1948.
ولرمزيتها القوية، يعمل الاحتلال على إحراقها، فيبنيها المقاومون الشبان من جديد، وهكذا يبقى الفر والكر على الحدود، ومدى التحمل والصمود، هو الفيصل في هذه المواجهة التي يرى البعض إنها تمهد لانتفاضة عارمة انتصاراً للقدس المغتصبة.
المصدر: المركز الفلسطيني للاعلام
اكتب تعليقك