إسرائيل تبدأ بـ "خنق غزة" عبر تقنين إدخال البضائع
شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، بـ "شكل عملي" بتنفيذ خطة خنق قطاع غزة وصولًا لانهيار اقتصادي تام، عبر تقنين البضائع التي تدخل غزة من خلال معبر كرم أبو سالم وتقليص مساحة الصيد.
وأوردت إدارة كرم أبو سالم في بيان لها اليوم، قائمة الممنوعات من سلطات الاحتلال وهي؛ غاز الطهي والمحروقات بأنواعها، والثلاجات، وقطع غيار السيارات وزيوتها، والأجهزة الكهربائية، ومواد التنظيف، والأقمشة، والألومنيوم، والحصمة والإسمنت، والحديد.
وأضافت أن الاحتلال سمح اليوم بإدخال 65 شاحنة مستوردة فقط محملة بالألبان والأجبان والدقيق واللحوم المجمدة والرز والأعلاف المسموح لها بالدخول.
وأعلنت تل أبيب؛ يوم أمس الإثنين، موافقة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان على توصية رئيس هيئة الأركان بإغلاق معبر كرم أبو سالم فورًا وبشكل كلي، باستثناء نقل الأغذية والأدوية والمواد الطبية التي سيتم الموافقة على دخولها عند الحاجة وبشكل خاص.
ووفقاً لنفس القرار، قلصت سلطات الاحتلال مسافة الصيد البحري في قطاع غزة إلى ثلاثة أميال بحرية بدلًا من ستة أميال على أن يستمر العمل بذلك حتى يوم الأحد القادم.
وقد سبق هذا القرار إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم جزئيًا بتاريخ 10 تموز الجاري، ومنع دخول السلع والبضائع إلى قطاع غزة، مع السماح بشكل استثنائي بمرور بعض السلع الإنسانية (من بينها الغذاء والدواء)، وفرض حظر كلي على تصدير وتسويق كافة البضائع من قطاع غزة.
واعتبر المحلل السياسي، سمير حمتو، أن تشديد الحصار على غزة يأتي في إطار "لعبة عض الأصابع بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية".
وقال حمتو في حديث لـ "قدس برس" اليوم، "رغم مخاطر تشديد الحصار على غزة فإن سكان القطاع المحاصرين لا يوجد لديهم ما يخسرونه، لذلك سيجد نتنياهو نفسه مضطرًا للتخفيف".
وأضاف: "خطة تشديد الخناق جريمة وأحد أدوات الحرب، والرد عليها فقط باستمرار مسيرات العودة وزيادة التحشيد الشعبي والجماهيري، وإظهار روح التحدي الجمعي، وجعل الجمعة القادمة جمعة مميزة لإيصال رسالة للاحتلال أن تشديد الحصار غير مجد".
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني، أن التوقف عن مسيرة العودة "خسران كبير مضاعف للشعب الفلسطيني، نظرًا لأنها ذخر استراتيجي يجب الحفاظ عليه وتقويته".
وقد ندد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان له، بشدة القرارات الإسرائيلية المتلاحقة الخاصة بتشديد إجراءات الحصار على قطاع غزة، وإغلاق المعبر التجاري الوحيد "كرم أبو سالم" بشكل كامل، وحظر تدفق السلع والاحتياجات الأساسية لسكان القطاع.
وحذر من عواقب ذلك على حياة أكثر 2 مليون فلسطيني، يعانون من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة.
ودعا المجتمع الدولي للتحرك الفوري والعاجل من أجل وقف العمل بهذه القرارات، والعمل بشكل جدي على رفع الحصار، وفتح كافة المعابر لضمان التدفق الفوري لكافة احتياجات سكان القطاع وخاصة السلع الأساسية.
وأكد المركز أن هذه القرارات جاءت تتويجًا لعدة قرارات سابقة شرعت سلطات الاحتلال بتنفيذها منذ يونيو 2007، وذلك في سياق خطة لإحكام خنق قطاع غزة.
وأردف: "تندرج هذه القرارات المتلاحقة في إطار سياسة الحصار الشامل التي تفرضها سلطات الاحتلال على قطاع غزة منذ يونيو 2007، حيث تشهد معابر قطاع غزة منذ 12 عامًا قيودًا مشددة على حركة الأفراد والبضائع".
وأوضح أن سلطات الاحتلال لا زالت تفرض القيود المشددة على توريد السلع التي تصنفها على أنها "مواد مزدوجة الاستخدام"، وتضع على قائمة المواد مزدوجة الاستخدام 118 صنفًا، وتحتوي هذه الأصناف مئات السلع والمواد الأساسية.
ونوه المركز الحقوقي، إلى أن سلطات الاحتلال تواصل حظر تصدير منتجات قطاع غزة، وتستثني من ذلك كميات محدودة لا تتجاوز 5 في المائة من حجم الصادرات الشهرية قبل فرض الحصار في يونيو 2007.
ومن جهته، صرّح النائب جمال الخضري؛ رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في تصريح صحفي صدر عنه اليوم الثلاثاء بأن التنفيذ الإسرائيلي المتصاعد لخطة خنق غزة هدفه بشكل أساسي انهيار الأوضاع الاقتصادية بشكل كامل ما يؤدي لإغلاق كل المصانع والمحال التجارية.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي في غزة أصلًا في غرفة الانعاش، ويعاني معاناة شديدة في ظل كل الضغوط التي تُمارس على غزة، والحصار الخانق الممتد لأكثر من أحد عشر عاما.
وبين أن أكثر من 80 في المائة من مصانع غزة والورش والمحال التجارية أغلقت أبوابها بشكل جزئي أو كلي، وارتفاع عدد العمال المعطلين عن العمل إلى 300 ألف عامل وآلاف الخريجين.
وشدد على أن الخطة الإسرائيلية تأتي من خلال المنع التام لكل مستلزمات الحياة للاقتصاد في غزة، ما ينتج عن ذلك الانهيار التام للاقتصاد، وزيادة في عدد المصانع المغلقة وصولاً الى الاغلاق التام، بسبب عدم وجود أي مقومات للصناعة.
وأشار إلى أن الاحتلال يمنع بنسبة 100 في المائة المواد الخام اللازمة للصناعة، ما سينعكس على جميع العمال الذين يعملون الآن، ولو بشكل جزئي، وسينتج عن هذا انهيار القدرة الشرائية حتى في حال توفر بعض مستلزمات الحياة الاساسية.
وجدد التأكيد على ضرورة العمل فلسطينيًا من خلال توحيد كل الجهود كل في موقعه، وكذلك عربياً ودولياً لتلافي أخطار الخطة الإسرائيلية، والعمل السريع لإنقاذ الوضع الانساني والاقتصادي المنهار.
يذكر أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، تسبب بأزمات وتداعيات كارثية على سكان القطاع، ووفقاً لتقارير أوروبية فإن 40 في المائة من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2 مليون نسمة يقعون تحت خط الفقر، فيما يتلقى 80 في المائة منهم مساعدات إغاثية نتيجة الحصار الإسرائيلي.
ويعتبر معبر "كرم أبو سالم" المعبر التجاري الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، وذلك بعدما قام الاحتلال بإغلاق 5 معابر مشابهة على حدود القطاع، وأبقى هذا المعبر مفتوحًا بشكل جزئي مع استمرار الحصار الذي تفرضه تل أبيب على قطاع غزة منذ 12 عامًا، ومن شأن إغلاقه، التسبب في أزمة اقتصادية ومعيشية كبيرة في القطاع.
المصدر: وكالة قدس برس للأنباء
اكتب تعليقك