الثلاثاء, 07 مايو 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > وثائق وقرارات دولية

الانتخابات البرازيلية نزاعٌ بين الحضارة والبربرية

تشهد البرازيل حالياً أسوأ أزمة سياسية منذ عودة الديمقراطية إلى البلاد عام 1985

يتقدم المرشح الرئاسي جائير بولسونارو حالياً جميع استطلاعات الرأي ، وهو يمثل اليمين المتطرف, سبق وأعلن في تصريحاتٍ له أنه سيغلق السفارة الفلسطينية في البرازيل في حال فوزه في الانتخابات , كما وصرح أنه ينوي نقل السفارة البرازيلية من تل أبيب إلى القدس, وقد أفصح مراراً وتكراراً في العديد من لقاءاته أنه يعتزم منح إسرائيل مكانة بارزة في علاقاتها مع البرازيل.

بولسونارو هو الصديق الوفي للصهاينة , وهو مالا يخفيه عن العالم بأسره ، بل على العكس تماماً, فقد قام بزيارة إسرائيل.

جائير بولسونارو هو رجل غير كفؤ, وغير جدير ليرأس البلاد ويقودها, فإنه يقول أنه يريد التغيير، ولكنه لا يفصح عما ينوي تغييره.

إنه مرشح الرئاسة الذي لا يفقه  شيئاً عن الاقتصاد, ولا يخجل من إظهار جهله للناخبين, مؤكداً لهم أنه سيضع في وزارة المالية خبيراً اقتصادياً يعرف كيف يفعل الصواب.

باولو غويديس هو الخبير الاقتصادي الذي يشير إليه بولسونارو حينما يعد الناخبين بتعيين مسؤولٍ جديرٍ بإدارة اقتصاد البلاد ، غويديس خريج جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة, وهو أحد الليبراليين الذين يرغبون في بيع جميع ثروات البلاد إلى الولايات المتحدة.

وللحصول على وصف أدق حول فكر بولسونارو المحدود ، فإنه على سبيل المثال لا يعرف كيف يحلل أو يجيب على أسئلة بسيطة و واضحة  في النقاشات التلفزيونية ، ففي أحد لقاءاته كتب في راحة يده الموضوع الذي يريد أن يتحدث عنه, وقد التقطت الكاميرات تلك الكلمات التي كتبها على يده. وتلك الكلمات الثلاث كانت:  ( لولا ، الأسلحة , البحوث), ما ينمُّ عن الثقافة المتدنية والعوز الفكري لهذا المرشح, إنه وبلا أدنى شك يمثل ترمب , بل وأسوأ من ذلك.

لكن كيف نستطيع تفسير تعاطف الكثيرين من الناس معه, وكيف له أن يتقدم  استطلاعات الرأي؟

للإجابة على هذا السؤال فإننا نحن بحاجة إلى الرجوع قليلاً إلى الوراء , قبل خمسة أعوام حينما بدأت الكراهية والمعاداة لحزب العمال بالظهور، ذاك الحزب الذي حكم البرازيل لمدة 14 سنة, حيث قام كل من الرئيس لولا ، والرئيسة ديلما روسيف من بعده - وكلاهما من حزب العمال-  بإنشاء إدارة تولي اهتمامًا أكبر للفقراء مقارنة بالحكومات السابقة.

وهذه السياسة التي اتبعها هذين الرئيسين , عرضتهم لكراهية الأغنياء وأصحاب الأموال باعتبارها سياسة مضيعة للمال ، فلطالما كانت تلك الفئة الفقيرة من السكان تحظى بالقليل أو بلا شيء على الإطلاق.

وعلى سبيل المثال ، فقد اعتبروا البرامج الاجتماعية مثل  برنامج "المزيد من الأطباء" الذي يدعم تطور الطب والرعاية الصحية , وبرنامج "بيتي حياتي" الذي يساعد العائلات الفقيرة على امتلاك بيوتها الخاصة من خلال اتباع نظام دفع الأقساط المريحة,  وبرنامج " حقيبة العائلة" الذي هو راتب شهري ضئيل تدفعه الحكومة للعوائل ذات الدخل المحدود,     كل تلك البرامج الداعمة للمجتمع برأي أصحاب الأموال هي إهانة لهم ولسياساتهم الربحية.

ومما تجدر الإشارة إليه هنا  بأنه على الرغم من هذه السياسات الاجتماعية التي تستهدف أفقر الناس وتعمل على إعانتهم ، فإن حزب العمال لم يتوقف أبدًا عن كونه معطاءً مع الأغنياء أيضاً, فقد حقق المصرفيون وأصحاب الأموال أرباحاً طائلة في الوقت الذي حكم فيه لولا, ومع ذلك  لم يكن الأثرياء مقتنعين بأن الفقراء تلقوا اهتماماً خاصاً من الحكومة.

وقد لجأت نخبة الأغنياء البرازيلية  إلى وسائل الإعلام والقضاء لتدمير حزب العمال وإبعاده عن رئاسة الجمهورية, وبذلك وخلال 14 عامًا تقريبًا من الحكم ، أصبح حزب العمال في نهاية المطاف متورطاً في بعض مخططات الفساد ، التي بدأت بالظهور قبل أن يحكم حزب العمال البلاد.

لم يخترع الفساد, لكنه استنسخ بعض المخططات التي زرعها اليمين في حكومة الرئيس فرناندو هنريك كاردوسو ، من حزب الديمقراطية الاجتماعية البرازيلي ، الرئيس الذي حكم قبل الرئيس لولا, وقد تم  بذل الكثير من الجهود في سبيل شيطنة حزب العمال وإظهاره على أنه هو الفاسد العظيم, مما عرَّض الحزب وزعمائه لهجمات إعلامية يومية على شاشات التلفاز وحتى في الإذاعة والصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي.

أصبح الفساد هو الموضوع الرئيسي في نشرات الأخبار لسنوات, و كان هذا يولد الكراهية عند السكان الذين تحولت نظرتهم تجاه حزب العمال وقادته , وأصبحوا يعتبرونهم شياطين القضية العظماء , وأصبح كل شيء سيئ يحدث في البرازيل هو خطأ الحزب, وفي الوقت ذاته كانت هناك أزمة اقتصادية في البلاد ، تغذيها إلى حد كبير الأزمة العالمية التي سكبت المزيد من الزيت على النار.

و بدأ القضاء الذي يمثل نخبة أصحاب الأموال، في شن هجوم قانوني ضد قادة حزب العمال المتهمين بالفساد, وبذلك تم القبض على العديد منهم, والكثيرون بدون دليل ولا حجة تثبت التهمة عليهم ، كما في حالة الرئيس السابق لولا.

لكن نسبة من السكان التي لا تعرف الحقيقة , تؤمن أن الرئيس السابق لولا تم اعتقاله لأنه لص , في حين أنه قد تمت محاكمته وإدانته بدون دليل, وتم تحويل صورة لولا في وسائل الإعلام إلى محتال, وأما الرئيسة ديلما فقد تم عزلها من الرئاسة دون أن ترتكب أية جريمة. ولكن الحقيقة هي أن نخبة الأغنياء وأصحاب الأموال هي التي وقفت في طريق الحزب لكيلا يحظى بالحكم.

لقد تقدم الرئيس السابق  لولا جميع استطلاعات الرأي على الرغم من كل الهجمات قبل أن يتم القبض عليه, وقد كان من المؤكد أنه سيفوز بالنزاع على رئاسة الجمهورية , و لذلك تم إلقاء القبض عليه.

و في هذا السيناريو استطاع جائير بولسونارو أن يتقدم استطلاعات الرأي , بعد أن تم اعتقال لولا ومنعه من المنافسة في الانتخابات ، ولكن قبل ذلك كان بولسونارو في المركز الثاني  متأخراً عن لولا بفارقٍ كبير.

ولكن حتى من السجن ، تمكن لولا من الإفصاح عن اسم فرناندو حداد ليحل محله ، ومن الجدير بالذكر أن فرناندو كان فيما مضى رئيس بلدية ساو باولو  أكبر مدينة في البرازيل ، ووزير التعليم في حكومته.

فرناندو حداد حالياً يتقدم في المرتبة الثانية من استطلاعات الرأي بعد بولسونارو الذي احتل المرتبة الأولى , و يوم الأحد 7 أكتوبر 2018م ، ستتم المرحلة الأولى من الانتخابات, التي يتم فيها معرفة أكثر المرشحين الذين نالوا أعلى نسب تصويت, وفي المرحلة الثانية من الانتخابات التي ستجري يوم 28 أكتوبر 2018م, سوف تتم معرفة المرشحين الذين احتلوا المرتبتين الأولى والثانية خلال المرحلة الأولى ويجري التصويت لاختيار أحدهما.

ومن الجدير بالذكر أن فرناندو حداد هو سليل العرب,  وعلى عكس بولسونارو ، سيكون له علاقة جيدة مع فلسطين.

إن الخطر الممكن وقوعه في حال فوز بولسونارو في الانتخابات في الجولة الأولى موجود , لأن الناخبين من المرشحين الآخرين سيقومون بالتصويت لصالحه في الجولة الأولى, وإن هذا الاحتمال مهما كان صغيراً فهو موجود.

هناك أيضا المرشح سيرو غوميز ، ممثل عن حزب العمل الديمقراطي , الذي يحتل المركز الثالث من استطلاعات الرأي بعد بولسونارو وحداد , يمكننا اعتبار غوميس مثل حداد , الذي ليس لديه سياسة عدوانية ضد فلسطين.

هناك أيضاً مرشح آخر يؤيد القضية الفلسطينية ، هو غيليرمي بولس ، من حزب يساري معروف باسم حزب الاشتراكية والحرية ، حتى أنه زار الضفة الغربية قبل بدء الحملة الانتخابية,  لكن فرصته بالفوز ضئيلة, فالناخبون يهمون بإدلاء أصواتهم لفرناندو حداد ، الذي يملك فرصةً أكبر لهزيمة المرشح الصهيوني.

 

 

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.