التحويلات الطبية في وزارة الصحة.. "المحسوبيات" تحصد أرواح الفقراء
يشكل ملف "التحويلات الطبية"، قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في وجه المسؤولين بالسلطة الفلسطينية، خاصة مع وجود الاتهامات التي طالت مسؤولين كبارًا ومتنفذين بالسلطة والأجهزة الأمنية بالفساد في هذا الملف
ويأتي تصاعد الاتهامات في ملف التحويلات الطبية، بعد إقرار أسامه النجار مسؤول التحويلات في وزارة الصحة الأسبق والناطق باسم الوزارة، بتنامي ظاهرة المحسوبية والفساد في الملف خاصة من المسؤولين الكبار؛ الأمر الذي دفعه لإحالة ملف التحويلات إلى هيئة مكافحة الفساد.
وقال في تصريحات صحفية: "كثيراً ما تعرضت الدائرة لضغوطات وإحراجات وتدخلات من مسؤولين ومن كافة المستويات، كأعضاء لجنة تنفيذية ومركزية وثورية وعمداء وقيادات في السلطة وأعضاء مجلس تشريعي للحصول على تحويلات".
وأكد أنه رغم إحالة الملف لهيئة مكافحة الفساد، وبعث المراسلات المطلوبة للجهات المعنية، لكنها حتى الآن لم تسائل أيًّا من المسؤولين في وزارة الصحة، وهذا خطأ.
ويرى مراقبون أن ملف التحويلات الطبية هو الأكثر فسادًا في وزارة الصحة، حيث ينال المسؤولون الكبار وأصحاب المواقع والمحسوبيات ورجال الأجهزة الأمنية فيه نصيب الأسد، ويحسمون التحويلات لأنصارهم وأقاربهم ومؤازريهم، وتكون موجهة إلى أرقى المستشفيات في العالم على نفقة السلطة، لكن الفقراء يذوقون مرارة الرفض ويموت مرضاهم موتا بطيئا أمام أعينهم، دون أن تحرك أوجاعهم مشاعر أيٍّ من المسؤولين في السلطة.
حجم التحويلات
وكشفت أرقام وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله عن أرقام مهولة لمئات الملايين التي تنفق على التحويلات الطبية الخاصة، ففي عام 2017م حوِّلت نحو 80 ألف حالة إلى المستشفيات "الإسرائيلية"، مثلت (81.5%) من مجمل تحويلات وزارة الصحة في العام 2017.
وبلغت التكلفة الإجمالية لهذه التحويلات نحو 300 مليون شيقل، لكن في العام 2016 كانت هذه التكلفة ما يقارب 440 مليون شيقل.
وبلغت قيمة التحويلات الطبية إلى مستشفيات العالم العربي وخاصة مصر والأردن بحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية 153 مليون دولار، أما التحويلات إلى مستشفيات الدول الأوروبية والأمريكية فقد بلغت عام 2016م 117 مليون دولار، وفي عام 2017م 143 مليون دولار.
ووفقا لوسائل الإعلام الفلسطينية، فإن تكلفة باهظة لعلاجات قدمت لمسؤولين كبار في السلطة، أبرزها زراعة رئة لصائب عريقات في مستشفى "مايكلينك" بالولايات المتحدة الامريكية نهاية آذار الماضي، وعملية جراحية بالعين لعزام الأحمد في إسبانيا، وعملية زراعة قلب لعثمان أبو غربية في الهند، وعدة فحوصات وعلاجات في قسم القلب بمستشفى جامعة متشغن لمدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج في الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها كثير لمسؤولين كبار في ألمانيا، وكل ذلك على نفقات موازنة السلطة.
الموت البطيء
ولم تخف أم حسن أبو اسنينة غضبها الذي دفعها لتتوجه بالدعاء على المسؤولين في وزارة الصحة، قائلة: "حسبنا الله عليهم الكبار في الوزارة، بنتظروا ابني يموت وأنا بطّلع فيه".
وأوضحت أم حسن أنها أمضت بجوار ابنها 53 يوماً وهو على السرير في المستشفى الحكومي بلا علاج، وتضيف في حديث خاص لمراسلنا: "ابني بحاجة لعملية في النخاع، وحولوني إلى المستشفى الكويتي في مجمع فلسطين الطبي برام الله، فقال لي الأخصائي الطبيب اللي بعملها مسافر لازم أحولك على مستشفى هداسا، نمت على باب الوزارة في رام الله ولكن ما إلي ظهر وما قدرت أحصل على تحويله وهاي أنا في البيت بانتظر موت ابني".
من جانبه، قال خالد التميمي الناشط الحقوقي في محاربة الفساد: إن تحويلات وزارة الصحة خاصة في الغالب بكبار المسؤولين وأصحاب المواقع المهمّة والمناصب العليا وأقربائهم وذويهم في الوقت الذي يموت فيه الآلاف من المرضى الفقراء الذين لا يتمكنون من الحصول على تحويلات لإنقاذ حياتهم.
وأضاف في حديث خاص لمراسلنا: "مئات الحالات من مرضى السرطان ومثلهم من أمراض فقر الدم والكلى يلقى بهم في المستشفيات العامة في الضفة حتى يقضوا آخر أيام حياتهم بلا علاج ولا زراعة أعضاء لهم حتى يلقوا أجلهم، في حين تعطى تحويلات لعمليات تجميل لزوجات المسؤولين في مستشفيات ألمانيا على حساب وزارة الصحة الفلسطينية".
أطفال غزة ينتظرون
من جهته، كشف محمد التلاوي، من قسم التحويلات في مستشفى الشفاء بغزة، أن هنالك نحو 300 حالة مستعصية في القطاع تنتظر تحويلات لها للمستشفيات "الإسرائيلية"، ولكن وبكل أسف لا حياة لمن تنادي.
وأضاف: "هؤلاء المرضى يدفعون الثمن من أرواحهم، يموتون موتا بطيئا، بعضهم بحاجة إلى تغيير دم، وآخرون إلى زراعة كلى، ومرضى ثلاسيميا وأطراف وأورام، ينتظرون قرار تحويلهم من وزارة رام الله، ولكنها تماطل، في حين تذهب جل تحويلاتهم لكبار المسؤولين".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
اكتب تعليقك