الخميس, 25 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

ضرب النساء أثناء الولادة في مستشفى الشفاء في قطاع غزة

لكل امرأة تدخل مستشفى الشفاء أو أي مستشفى آخر في قطاع غزة للولادة قصة وحكاية، ربما تكون القصص مختلفة، لكنها متشابهة من حيث المعاملة القاسية والمهينة والحاطة من كرامة النساء اللواتي يتعرضن للشتم والسب والتأنيب والضرب، كما حدث مع إيمان بعد ولادتها عندما قامت الطبيبة بضربها أثناء تنظيفها وتقطيب الجرح لها

المرأة أثناء الحمل تكون بحاجة إلى الرعاية والاهتمام خاصة النفسي، فهي تكون مرهفة الحس، وتعاني من آلام الحمل ومضاعفاته، ويصاحبها دائما هاجس من الخوف المزدوج على حياتها من تعسر الولادة وعلى سلامة جنينها وصحته، وهي بحاجة إلى رقابة ورعاية خاصة جدا عندما تحين الولادة، أو تكون الولادة أول مرة ومبكرة أو في الشهر السابع كما حصل مع إيمان التي دخلت مستشفى الشفاء للولادة فعادت من دون جنينها.
 
إيمان (20 عاما) وصلت إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة في حالة ولادة مبكرة في الشهر السابع كما قرر الأطباء، وكالعادة قرر الأطباء أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت ليعطوا فرصة لاتساع عنق الرحم، هذا هو الحمل الأول لإيمان، ولسوء حظها فإن موعد ولادتها حان في الشهر السابع، ومن الطبيعي أن تكون خائفة ومرتبكة، فهي وصلت المستشفى بحالة خطيرة وكانت تنزف، ومن الطبيعي أن يفحصها الطبيب مجرد وصولها، لكنها تلقت معاملة قاسية وصراخ من قبل الطبيب، من دون مراعاة سبب صراخها الناتج عن شدة الآلام وخوفها، وربما خجلها أيضاً منعها من ان يقوم الطبيب بمهمته، إلا أنه تركها وغادر الغرفة من دون فحصها وقال لها: "بدكيش بلاش وأنا راح اكتب في التقرير انك بدكيش فحص".
 
ولم يقتصر ذلك على الطبيب، فالممرضات أكملن المهمة وأخذن يؤنبنها، وبعد توسل والدتها للطبيب، استجاب وفحصها، وأقر أنها في حالة ولادة وعليها أن تصعد إلى قسم الولادة الطبيعية، وبعد ساعتين من وجودها في المستشفى أعطوها حقنة مساعدة على الولادة، وظلت في الانتظار في قسم الولادة.
 
وفي منتصف الليل أصيبت بنزيف، وبقي الحال على ما هو عليه دون أي محاولة اطمئنان أو رقابة عليها من طبيب أو ممرض حتى الصباح، وبعد خمس ساعات أصيبت بنزيف حاد، وبالرغم من توسل والدتها للأطباء والممرضين والممرضات إلا أنهن لم يستجبن، ولم يكتفين بعدم الاستجابة، بل الاستهزاء والسخرية منها والقول لها "يختي أنت في المستشفى متخفيش ولو ولدت على التخت بنحملها".
 
واستمر الحال ذلك مدة ساعتين حتى الساعة السابعة صباحاً، حيث ازدادت آلام المخاض والنزيف اشتد، وأصبحت في حالة ولادة وشيكة، ولم تعد إيمان تحتمل شدة الألم، وبالرغم من استغاثة والدتها للممرضة التي اكتفت بالطلب من والدتها نقلها إلى كشك الولادة بالقول لها: "خوديها أنت على الكشك"، وتركتها وانصرفت.
 
حاولت والدتها اصطحابها إلى كشك الولادة إلا أنها لم تستطع لعدم قدرة إيمان على المشي بسبب آلام المخاض التي تشتد وكذلك النزيف. واستمر ذلك نصف ساعة من دون مساعدة من أي من الفريق الطبي، وعادت والدتها مرة أخرى إلى غرفة الممرضات فوجدت طبيبا وطلبت منه مساعدة إيمان، فاستجاب الطبيب وذهب معها إلى الغرفة، وبعد الفحص تبين للطبيب أن رأس الجنين قد ظهر من عنق الرحم، ولم تحملها الممرضات كما وعدن والدتها بسخرية، بل استجبن لطلب الطبيب بإحضار كرسي متحرك لنقلها إلى الكشك الذي يبعد نحو 25 مترا عن الغرفة التي كانت تقيم فيها.
 
وكان بإمكان الأطباء نقلها على سرير أو إكمال عملية الولادة في الغرفة، إلا أنهم نقلوها إلى كشك الولادة على الكرسي المتحرك والجنين رأسه خارج عنق الرحم، وفي الطريق كانت إيمان تصرخ من شدة الألم فقام الطبيب بإغلاق فمها بيده وقال لها "اسكتي فضحتينا على الصبح". وكذلك قالت لها الطبيبة "اخرسي فضحتينا على الصبح".
 
وعند وصولها إلى كشك الولادة طلبت منها الممرضات وهي في حالة ولادة أن تصعد إلى السرير وحدها من دون مساعدة لتنام على السرير، وكان يخلو من أي غطاء ومكسورا ما أدى إلى انزلاقها عن السرير أثناء الولادة عدة مرات، وبالرغم من أن رأس الجنين كان ظاهرا وخارج عنق الرحم إلا أن الطبيبة كانت تقول لها "ممنوع تطلقي وما تضغطيش وما تطلعيش الرأس أحسن لك".

وبعد أن انتهت عملية الولادة وكانت طبيعية، إلا أن الجنين لم يصدر عنه أي صوت، فكيف يصدر عنه صوت وإيمان كانت تجلس على رأسه؟! وطلب الطبيب من الممرضات إحضار جهاز حضانة للمولود، لأن الولادة مبكرة والجنين بحاجة إلى رعاية خاصة بالحضانة، ولم تحضر الممرضات الحضانة، وقامت إحدى الممرضات بحمل الجنين بين يديها ونقله من كشك الولادة إلى قسم الحضانة مسافة 25 مترا، فكان من الطبيعي أن يموت الجنين بعد ولادته بساعات.
 
هذه حالة من حالات عديدة وقعت، وستقع في مستشفى الشفاء بمدينة غزة من تعرض النساء للإهمال والشتم والسب والضرب، فحالات الإهمال والأخطاء الطبية المتكررة أصبحت ظاهرة في مستشفياتنا ووفاة الأجنة أثناء الولادة وبعدها، بل وفاة النساء جراء الإهمال والاستهتار بحياتهن. وستسمر ظاهرة الأخطاء الطبية كما سيستمر ضرب النساء أثناء الولادة وكذلك وفاتهن، ووفاة أبنائهن طالما ظل الحال على ما هو عليه من دون رقابة ومحاسبة، وصحوة ضمير من يسمون ملائكة الرحمة.
 

المصدر: عرب٤٨

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.