بيوم الأرض.. أهالي الأغوار يعيشون لعنة (C) التي أوجدتها أوسلو
لعل أكثر حرف من حروف اللغة الغربية أصبح يرمز للشؤم في نظر الفلسطينيين هو الحرف (ج) ويقابله باللغة الإنجليزية (C)، فقد أصبح لهذا الحرف بعد عام 1993 معنى استعماري مختلف بعد أن كان قبل ذلك حرفا عاديا من حروف اللغة، إذ أصبح ثلثا أراضي الضفة الغربية المحتلة تصنف بهذا الاسم
أصبح الحرف (ج) يعني للمواطن عبد الخالق دراغمة وهو يجول في مضارب أرضه في خربة الحمة بالأغوار الشمالية الملاحقةَ والطردَ المستمر من أرضه.
صادر جنود "إسرائيل" قطيع أغنامه ذات مرة وهو يرعى في مضارب المالح، ونقلوها إلى معسكر "سمرة" الصهيوني وغرم عن كل رأس غنم سبعة دنانير أردني مقابل الإفراج عنها ليتسلم من الضابط الصهيوني إخطارا أن كل ذلك حدث لأنه رعى أغنامه في مناطق (c) التي تصنف مناطق تحت السيطرة الأمنية والمدنية للاحتلال وفق اتفاق أوسلو.
يرقب دراغمة في كل يوم وهو يجول بأغنامه الجبال بؤرا استيطانية تولد كل يوم على رؤوس الجبال والتلال كان آخرها البؤرة الجديدة التي أقيمت على رأس التلة في الحمة، ويقطن بها عدد من المستوطنين لاحقه أحدهم قبل أيام وتهجم عليه، وهدده بمصادرة قطيعه وقتل أغنامه إن بقي موجودا في المنطقة.
يتصرف هذا المستوطن العشريني ذو الملامح الأوروبية بكل ثقة، وكأن هذه الأرض هي له جميعها، في حين بات لزاما على عشرات آلاف الفلسطينيين في قرى الأغوار المختلفة أن يرحلوا عن المنطقة.!
صمود بالظرف المستحيل
ثمة حكايات وحكايات في وادي المالح في الأغوار الشمالية عن أناس صامدين بلا مقومات صمود، فلا قريب ولا بعيد يقف معهم، وحتى أولئك المتضامنين على قلتهم لا يكفي وجودهم المؤقت على أهميته في كبح جماح الاحتلال عن اعتداءاته.
يرى المواطن في خربة الفارسية ناصر مخامرة في حديث لمراسلنا أن "التضامن من أجل التصوير" بات أمرا مقيتا بالنسبة لهم، فليس هذا ما يريدون، يأتي مسئول ويزور المنطقة ويلتقط الصور ويغادر؛ يؤكد أن الأغوار خارج حسابات الحكومة إلا من بعض التصريحات.
يؤكد مخامرة أن سياسات دعم الصمود مفقودة، متسائلا عن الإجراءات الفعلية التي تقدم للمواطن في الأغوار لكي يبقى في أرضه، "فالمواطن في الأغوار مكشوف الظهر، وهو صامد فقط لأنه يريد الصمود وفق إمكاناته الذاتية. لا نريد أن نرحل لأننا لا نريد أن نرحل، ولكن لا يقدم أحد شيئًا حقيقيًّا لكي نبقى بأرضنا".
يشير مخامرة إلى أن سياسة الاحتلال في الأغوار هي جعل الفضاء فارغا من الفلسطينيين، "فنحن نسبب لهم مشكلة بوجودنا في كل مكان. أنا حين أجول سفوح الجبال بأغنامي فأنا أحمي هويتها، هم يريدون منا سكانَ وادي المالح أن نرحل ونسكن في طوباس، وسكان القرى والخرب في سهل عاطوف أن يرحلوا ويقطنوا طمون، وهكذا حتى ينحصر وجودها في عدة بلدات مركزة، في حين فضاء الأرض الواسع يخلو للمستوطنين".
من بزيق لخربة سلحب لغابة تياسير، لسفوح المالح، للعقبة، لعين الساكوت، لكردة وبردلة وخربة طانا، لعشرات التجمعات والقرى الفلسطينية بالأغوار... ثمة من هو صامد.. ثمة من يعلم الناس بيوم الأرض معنى الصمود.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
اكتب تعليقك