السبت, 21 ديسمبر 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > وثائق وقرارات دولية

شعب ورايتان.. فلسطين في قلب حراك الجزائر

مع بدايات الحراك الشعبي في الجزائر، نشر الروائي الشاب عبد المنعم بن السايح على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صورة لمسيرة شعبية يحمل فيها بعض الشباب العلم الجزائري إلى جانب العلم الفلسطيني، وأطرف ما جاء في التعليق المصاحب للصورة عبارة "الشعب الوحيد في العالم الذي يملك رايتين"

وكتب عبد المنعم بن السايح معلقا "أمس كانت الراية الفلسطينية جنبا إلى جنب رفقة الراية الجزائرية.. ولكم أن تتخيلوا أكثر من مليون شخص في المسيرة يرددون بصوت عال واحد: فلسطين الشهداء".

ومنذ الأيام الأولى للحراك الشعبي في الجزائر والذي لا يزال مستمرا بعد مرور عشرة أسابيع كاملة، راجت تجارة الرايات الوطنية بمختلف الأحجام والأشكال، ولم يكن ينافس العلم الجزائري لدى الباعة إلا نظيره الفلسطيني، وصمّم أحدهم "شالا" بيعت منه كميات كبيرة، على وجهه علم الجزائر وعلى الوجه الآخر علم فلسطين.

واختار أحد المواطنين التنقل إلى الجزائر العاصمة للمشاركة في الحراك الشعبي على طريقته الخاصة، وعوضا عن السيارة أو الحافلة، ركب درّاجة هوائية حاملا معه العلم الجزائري إلى جانب العلم الفلسطيني، قاطعا عشرات الكيلومترات عبر الطريق السيّار (السريع)، معرضا نفسه لخطر حوادث المرور في أمكنة يستعمل فيها بعض أصحاب السيارات السرعة الفائقة.

ولم يتفاجأ الدكتور علي شكشك، وهو طبيب فلسطيني مقيم في الجزائر بالأمر، وقال إنه سيتفاجأ لو حدث العكس، وقال للجزيرة نت إن "الأمر يتجاوز التضامن السياسي إلى شيء آخر، ربما يتعلق بالجينات".

ومن جهته يؤكد مومن بلغول الصحفي بجريدة "ريبورتور" الناطقة بالفرنسية، إن الحراك كان بمثابة "توقيع من الشعب الجزائري على أن فلسطين هي قضيته الدائمة".

وإلى جانب عبارات تحمل مضمونا سياسيا، رافضا في البداية لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، قبل أن يتطور الأمر إلى "تنحاو قاع" (الكل يُخلع)، يردد كثيرون عبارة "فلسطين الشهداء"، وهو الشعار الذي يذكّر بالعبارات التي تستحضر الثورة الجزائرية التحريرية مثل "جزائر الشهداء" و"باب الوادي الشهداء".

ويقول شكشك "إن الجزائري الذي عرف أبشع أنواع الاحتلال وعرف معه معنى (الحقرة) وهو مصطلح جزائري يُصعب فهمه لغير الجزائريين، يدرك تماما ما يمارسه الاحتلال الصهيوني في حق الفلسطينيين (التمييز العنصري أو الأبارتهيد)، وهذا أحد أسباب استمرار التضامن بهذه الأشكال المختلفة".

وليست هذه المرة الأولى التي يفاجئ بها الجزائريون العالم بارتباطهم غير الطبيعي بالقضية الفلسطينية، فالكل يتذكر عندما تنقل منتخب دولة فلسطين قبل سنوات لمواجهة نظيره الجزائري. وامتلأ حينها ملعب 5 جويلية بالعاصمة عن آخره، وكانت الراية الفلسطينية تملأ المدرجات، ولأول مرة كان الجمهور الجزائري يناصر منتخبا غير منتخب بلاده، حتى عندما سجل الفلسطينيون هدفهم، كان الكل يحتفل بمن في ذلك لاعبو المنتخب الجزائري أنفسهم.

وفي هذا الصدد يقول مومن بلغول إن البعض كان يروّج القول إن الأمر مجرد "سياسة" كان ينتهجها النظام الجزائري، غير أن الأحداث المتوالية ومنها الحراك الشعبي الحالي، أثبت أنه يتجاوز النظام والسياسة إلى العمق الشعبي الذي لم تفهمه النخب السياسية والفكرية.

ويقول شكشك إن الجزائريين "ربما مقصّرون في تقديم أنفسهم لغير الجزائري، وربما المشكل في المشرقي الذي لم يفهم الجزائر وعمقها الشعبي المسكون بالنضال والاصطفاف مع الشعوب المستضعفة".

واعترف أنه ورغم قراءته عن الجزائر وتأثره بثورتها التحريرية، فإنه عند إقامته بها اكتشف أنه لم يكن يعرف عنها شيئا، واقتنع أن القضية الفلسطينية تتجاوز التعاطف السياسي الظرفي إلى الانتماء للقضية نفسها.

وللجزائريين حساسية مفرطة ضد كل ما هو أجنبي، ربما بسبب موجات الاحتلال التي عانوا منها على مرّ التاريخ، ولا يقبلون أي راية خارجية، لكن الأمر يختلف مع الراية الفلسطينية التي يعتبرونها "وطنية" وتحمل إلى جانب العلم الوطنية ومختلف "الرايات الثقافية" التي تعبّر عن الهوية. والأمر كما يقول الصحفي مومن بلغول يشبه "البوصلة" التي تحدد الاتجاه نحو التحرر ومساعدة الشعوب الأخرى على التحرر.

 

المصدر : الجزيرة

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.