الجمعة, 26 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > وثائق وقرارات دولية

معركة اليومين.. بسالة المقاومة تجبر إسرائيل على الرضوخ للتهدئة

في غزة نيران مشتعلة دوماً تحت ركام العدوان الإسرائيلي، يومان من القصف والقتل بالطائرات والمدفعية لم ينته وفق المتوقع، لكنه يبشّر بعدوان قريب

هذه هي الجولة العاشرة من التصعيد المتدرّج خلال أربعة عشر شهرا يرفع فيها الاحتلال قوته النارية والتدميرية حتى وجد نفسه مضطراً أن يرضخ للهدوء.

وكان الاحتلال صعّد من عدوانه الجمعة الماضية على متظاهري مسيرة العودة مخلّفاً شهيدين وستين إصابة قبل أن يتدحرج الميدان ويقصف موقعاً للمقاومة ما أسفر عن شهيدين وجريحين.

وفي اليومين التاليين تطورت الأمور لجولة تصعيد اقتربت من حرب طاحنة قتل فيها الاحتلال 27 مواطنا وأصاب أكثر من 150 آخرين، حين استهدف البنايات المرتفعة ومواقع المقاومة وعربات المواطنين وردت المقاومة بقصف أوقع قتلى وجرحى لدى الاحتلال.

 

هدوء هشّ

منذ عام مضى لم تثبت معادلة الهدوء المتبادل نجاعتها أمام استمرار الحصار المتواصل من عام 2006 وحالة التماس المباشر في مسيرة العودة منذ مارس 2018، وهو ما يعزز احتمال اندلاع حرب قريبة.

ورغم أن "إسرائيل" بدأت القصف قبل أيام من نقطة نهايتها عام (2014) حين دمرت بنايات مرتفعة وعادت للاغتيالات إلا أنها تفاجأت من تطورات الميدان لغير مصلحتها.

ويؤكد أحمد رفيق عوض، المحلل السياسي، لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن الاحتلال أوقف تصعيده بعد ممارسة القتل والتدمير لعدة أسباب؛ أولها رد المقاومة المفاجئ له واستمرار الوساطات، وفشل أدائه الميداني، ونصيحة مؤسسته الأمنية له بالتوقف.

وكانت تقديرات أمنية واستخبارية إسرائيلية نصحت القيادة السياسية في الكيان بعدم الاستمرار في التصعيد في المرحلة الحالية التي كانت مفاجأة للاحتلال.

ووصل الاحتلال والمقاومة إلى هدنة لوقف إطلاق النار برعاية مصرية وقطرية وأممية -فجر الاثنين- على أن يلتزم الاحتلال بالتفاهمات السابقة حول تخفيف حصار غزة.

ويقول يوسف شرقاوي، الخبير العسكري، لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": إن "إسرائيل" اضطرت لشراء هدنة حتى تتجاوز مفاجأتها وتمرر مناسبات معدة لها مسبقاً أولها ما يسمى "عيد الاستقلال" (تأسيس الكيان وذكرى النكبة الفلسطينية) ومهرجان الأغنية الأوروبية.

ويتابع: "الحديث عن رغبتها تمرير المناسبات حقيقي؛ فهي تريد أن تثبت أنها دولة ذات سيادة ومستقرة، لكن هناك جولة قريبة وتسريبات صفقة القرن عن نزع سلاح غزة مزاعم خطيرة".

 

حماية المدنيين

تبتلع "إسرائيل" النصل في الجولات الأخيرة مضطرةً؛ فلم تعد صاحبة الطلقة الأخيرة، ونظرية نقل المعركة لأرض خصمها لم تعد مطلقة وجبهتها الداخلية معرّضة للخطر دوماً.

ويؤكد المحلل عوض أن "إسرائيل" لا تريد حربا شاملة؛ فهي عاجزة أن تغيّر الواقع بمفردها، وتخشى تقديم خسائر لا داعي لها، لكنها في الوقت ذاته تريد الإبقاء على الانقسام الفلسطيني.

مساء كل جمعة يعود متظاهرو مسيرة العودة على حدود غزة جراحهم مثخنة لكن الجمعة الماضية كان ماثلاً للعيان صلف الجنود وهم يطلقون الرصاص المتفجّر على رؤوس وأجساد المحتجين العلوية.

في نقطة التماس شرق مخيم البريج قبيل انفجار الموقف بساعة تحركت أربع عربات عسكرية تطلق النار والغاز في حين بدأ ستة جنود يقفون متلاصقين يطلقون الرصاص من كاتم الصوت على المحتجين قبل أن يصاب اثنان منهم بنيران قناصة المقاومة.

في أقل من عشر دقائق كان طيران الاحتلال قد قصف موقعاً للمقاومة وساحة مسيرة العودة القريبة مخلّفاً شهيدين وجريحين قبل أن ينقلب السحر على الساحر.

ويشير المحلل عوض إلى أن "إسرائيل" بدأت الجولة بتجاوز الخطوط الحمراء السابقة حين بدأت بقصف الأبراج السكنية، لكنها تفاجأت من رد المقاومة المشترك والدقيق الذي راكم قوة وتحكمًا.

أما الخبير شرقاوي فيضيف: "أثبتت المقاومة قدرتها على فتح النار متى شاءت وتبادر بواسطة غرفة عمليات وتوافق تصريحات القادة مع الميدان".

ويتابع: "نقاط ضعف الاحتلال بدت في جبهته الداخلية وطاقته البشرية وهروب نصف سكان الجنوب من المستوطنين".

وتركزت أدوات المقاومة التي فاجأت الاحتلال بجودة عملها الاستخباري وكثافة النيران أكثر دقة، وشلّ جبهة الاحتلال الداخلية بقصف مركز ومتدرج المدى.

ونقلت وسائل الإعلام تسجيلات مصوّرة لاستهداف عربات عسكرية بقذائف المقاومة المضادة للدروع على حدود غزة، وهو ما لم ينل تركيز الإعلام الإسرائيلي الذي انصرف لبث مشاهد خوف المستوطنين في مدنه.

 

مشهد سياسي

تمتلك "إسرائيل" قدرة تدميرية متفوّقة على محيطها بكامله لكن استخدام أقساط منها في الميدان مرده الانشغال بمشروع سياسي كبير يؤجّل الصدام مؤقتاً.

يلعب نتنياهو -رئيس وزراء الاحتلال- دور الفاتح عربياً وإفريقياً بدعم (ترمب) الرئيس الأمريكي مستفيداً من مشروع أمريكي (صفقة القرن) يوفّر له الوقت والقوة.

ويرى المحلل عوض أن صفقة القرن خاسرة، ولا يمكن للفلسطيني أن يتنازل عن قضيته بالقوة، ولا يمكن لدول عربية تمويل ما يجرى.

ورغم ضعف موقف الاحتلال مؤخراً بفعل صمود مقاومة متواضعة الإمكانات إلا أن تعويله على تمرير مخطط سياسي جديد يدفعه للهدوء المؤقت.

ويبقى الخيار المجنون باحتلال غزة الميداني أحد الخيارات التي ستزيد الصدام وخسارة الدم في جنود الاحتلال في مشهد يعيد خسارة الاحتلال الأمريكي أمام مقاتلي (فيتنام) إن اندلعت حرب العصابات.

 

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.