الخميس, 28 مارس 2024

اللغة المحددة: العربية

هكذا تحرق "إسرائيل" الأراضي الزراعية شرق غزة بـ"المبيدات السامة"

على مسافة قريبة من الشريط الحدودي لقطاع غزة بمحافظة خانيونس جنوبي القطاع، يقف المزارع محمد سمور متحسرا على مزروعاته التي شارفت على التلف.

وكعادتها في هذا الوقت من كل عام تقريبا، تعود طائرات الاحتلال لرش محاصيل مئات المزارعين في المناطق الحدودية لقطاع غزة بمبيدات سامة تتسبب في هلاك وتضرر كافة المحاصيل التي يطالها رذاذ المبيدات.

وتواصل طائرات الاحتلال اليوم، رش المبيدات فوق مزروعات وأراضي المواطنين الحدودية جنوب ووسط قطاع غزة.
 
تلف المحصول
ويزرع أبو سمور عشرة دونمات من الأرض بالسبانخ والبقدونس، لكن مبيدات الاحتلال أتت على أغلب من نصف المحصول الذي كان جاهزا للبيع خلال أيام.

ويقول المزارع سمور في حديث خاص لـ"المركز الفلسطيني للاعلام"، إن الاحتلال يعتمد في رشه المبيدات السامة على اتجاه الريح، فتعمد إلى رشها في أوقات تكون فيها حركة الرياح من الشرق إلى الغرب، وهو ما يلحق الضرر بمساحات زراعية واسعة.

ويؤكد أن العمل في المناطق الحدودية خطير جدًّا، لافتا إلى أنه قد يتعرض للموت في أي لحظة نتيجة إطلاق جنود الاحتلال الرصاص الحي بشكل عشوائي عبر الأبراج العسكرية المنتشرة على طول الحدود مع غزة.

ويشير إلى أنه تعرض للإصابة قبل عدة سنوات أثناء عمله داخل أرضه الواقعة ببلدة عبسان الكبيرة بمحافظة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

استخدام المروحيات
ويشكو مزارعو الأراضي المحاذية للشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 من استمرار استخدام الاحتلال المروحيات في رش المبيدات الزراعية، والتي ينتقل رذاذها بفعل الرياح إلى ناحية المحاصيل الفلسطينية فتعرضها للتلف.

وتبرر سلطات الاحتلال ممارساتها، بقولها إن عمليات رش المبيدات على المنطقة الحدودية تخضع لاعتبارات أمنية تتعلق بإبادة النباتات التي يحول نموها دون تمكن جيش الاحتلال وأجهزة مراقبته من مراقبة الحدود، لكن حقيقة الأمر أن عمليات الإبادة تلحق الضرر بالمحاصيل الزراعية الواقعة على بعد نحو أكثر من كيلومتر من الحدود.

وأكد تقرير حقوقي جديد أن عمليات رش المبيدات التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي على حدود قطاع غزة ألحقت أضرارا بالغة بالحقول والمزروعات داخل أراضي القطاع.

مبيدات سامة
وأظهرت دراسة أجرتها مجموعة "فورينسيك آركيتكتشر" البحثية ومقرها لندن "تعرض الأراضي الزراعية التي تبعد أكثر من 300 متر عن الحدود الشرقية لقطاع غزة للتلف كون تركيز المبيدات أعلى لما هو مسموح به في أوروبا، ما جعل الأراضي غير صالحة للزراعة".

ومن بين المبيدات المستخدمة "الغليفوسات" و"أوكسي فلو فورن" و"ديورون". ويعتقد أن الغليفوسات مضرة للإنسان.

وصنفت منظمة الصحة العالمية الغليفوسات بين المواد "التي قد تتسبب بالسرطان" لكن الاتحاد الأوروبي جدد في كانون الأول/ديسمبر 2017 الترخيص لمبيد الأعشاب هذا في جميع أنحاء أوروبا لخمس سنوات.

ويعتمد التقرير الذي نشرته "فورينسيك آركيتكتشر" بشكل كبير على أبحاث ميدانيّة وجهود قانونيّة، قامت بها مؤسسات حقوق الإنسان "ﭼيشاه – مسلك: مركز للدفاع عن حرية الحركة"، "عدالة: المركز القانونيّ لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل" و"مركز الميزان لحقوق الإنسان – غزة"، والتي اعترفت خلالها "إسرائيل" أنه خلال خمس سنوات قامت بثلاثين عملية رش من الجو بالقرب من السياج الفاصل مع قطاع غزة.

وأضاف التقرير أنه منذ العام 2015 تحذر الجمعيات من الأضرار البالغة التي تلحقها عمليات الرش الجويّ، كما قدمت التماسا للمحكمة، وبذلت جهودا قضائية أخرى تهدف إلى الكشف عن معلومات بخصوص هذه الممارسات الهدامة وإلى إلزام "إسرائيل" بإيقافها.

ويناقض البحث الجديد الذي أصدرته "فورنسيك أركيتكتشر" الادعاءات الإسرائيليّة، بأنها تتخذ التدابير اللازمة بهدف تقليص انتشار المبيدات الكيميائيّة والأضرار الناجم عنها، كما ورد في ردِّها على توجه الجمعيات لوزير الأمن الإسرائيليّ والمدعي العام العسكريّ في "إسرائيل". تحليل الفيديو الذي يوثّق عمليات الرش، يظهر أن تلك العمليات تمت عندما كانت الرياح شرقيّة، وحملت المواد الكيميائية ذات التركيز العالي والمضر، إلى عمق القطاع.

وشدد التقرير أنه في هذه الظروف يؤدي الرش إلى أضرار عشوائية وغير محسوبة، كما لم تستخدم "إسرائيل" تقنيات للرقابة على تأثير الرياح، وبكل الأحوال لا يمكن في هذه الحالة السيطرة على انتشار المواد أو التنبؤ بحجم الضرر الناجم عن عمليات الرش للمحاصيل، مناطق رعي المواشي، للأرض، للمزارعين ولسكان المنطقة بشكل عام.

وبين التقرير أن رش المبيدات من الجو يؤدي إلى انتهاك حقوق إنسان أساسيّة ومخالف للقانون الإسرائيليّ والدوليّ، مبينا أنه لا يوجد أي مبرر أو أي أساس قانونيّ للاستمرار بهذه الممارسة الهدامة، التي تلحق أضرارا بالغة وغير معياريّة بسكان القطاع والمحاصيل الزراعيّة.

وكررت المؤسسات الموقعة مطالباتها المستمرة لإسرائيل بالكف عن الرش من الجو فوق السياج الفاصل مع قطاع غزة، حتى يتمكن قطاع الزراعة في غزة من الانتعاش والتطور.

 

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.