الصفحة الرئيسية > المشاركات > سياسات عدوانية
أزمة المعتقلين الفلسطينيين في السعودية.. الأهداف والدلالات
بعد عام على احتجازهم
تدخل أزمة المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية عامها الثاني، دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج للقضية، لا سيما بعد قيام السلطات السعودية بحملة اعتقالات ثانية، في شهر شباط الماضي.
وأوقفت السعودية عشرات الفلسطينيين من طلاب وأكاديميين ومقيمين على أراضيها منذ عام، بشكل تعسفي، بينهم محمد الخضري، مسؤول العلاقات بين حركة حماس والمملكة، دون توجيه تهم رسمية لهم، كما خضع بعضهم للمحاكمات دون معرفة مصيرهم، وفق مؤسسات حقوقية.
وعلمت "قدس برس" أن السلطات السعودية، بدأت في 8 مارس/آذار الماضي، بمحاكمة نحو 62 فلسطينيا (بعضهم من حملة الجوازات الأردنية) مقيمين داخل أراضيها.
ورغم محاولات حركة "حماس" المستمرة للتواصل مع المسؤولين السعوديين ودعواتها للإفراج عن المعتقلين، إلا أن المملكة كانت تقابلها بالمزيد من الخطوات التصعيدية ضد الفلسطينيين.
دلالات الاعتقالات
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي، "فراس أبو هلال"، في حديثه لـ"قدس برس"، أن عدم الاستجابة السعودية الرسمية لمناشدات الإفراج عن المعتقلين، تأتي في سياق السلوك الرسمي تجاه قضية الاعتقالات بشكل عام، وليس فقط المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين.
وأضاف، السياسة السعودية للأسف، تقوم الآن على عدم تنفيذ تسويات أو إفراجات لإثبات أنها لا تخضع للضغوط، وتعتقد أن هذا رمز لقوة الدولة وسيطرتها، وهو في الحقيقة رمز لـ"موت السياسة، وإنهاء لأعراف السياسة السعودية التي قامت تقليديا على الحكم بطريقة أبوية تحترم العلاقات بين الحكام والمحكومين".
وأردف الآن تريد القيادة السعودية، إثبات أنها تفعل ما تريد وتعتقل من تريد، ولا تخضع لا للقانون ولا للتوافقات.
وأشار إلى أن الاعتقالات تأتي في إطار تقديم صورة عن السعودية الجديدة، و"هي المملكة التي تقطع علاقتها مع أي تيار ينتمي للإسلام السياسي من جهة، والتي لديها الاستعداد للضغط على الفلسطينيين لإثبات استحقاقها للشرعية الأمريكية، عبر بوابة التخلي عن القضية الفلسطينية".
ونوه إلى أنه لا يوجد طرق مسدودة في العلاقات السياسية، مشيرا إلى أن "سلوك السياسة السعودية يجعل من الصعب توقع حدوث انفراج، وإن كان لا يجب أن يدفع هذا حماس لأن توقف المساعي لعلاقات متوازنة لا تعني الخضوع، ولكن احترام كل طرف لمصالح الطرف الآخر".
ويرى " أبو هلال" أن "حماس تبالغ في الهدوء والمجاملة، رغم أن موقفها صعب ولا بد أن توازن بين التصعيد وعدم خسارة العلاقة مع السعودية"، مضيفا، على الحركة أن تطرح قضية المعتقلين حقوقيا عبر محامين دوليين متخصصين بمثل هذه القضايا.
سلوك سياسي
بدوره يرى "سليمان بشارات"، الباحث في مركز يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، أن حملة الاعتقالات السعودية، سلوك سياسي أكثر منه أمني؛ و"الدليل على ذلك أن الشخصيات المعتقلة بعضها معروف بشخصيته وطبيعة دوره التنظيمي الذي كان يقوم به، وكان ذلك بموافقة من السلطات السعودية، وجميعهم يحظى بإقامة رسمية في المملكة".
وأوضح "بشارات" لـ"قدس برس"، أن التغيير الحاصل في الموقف السعودي من حركة حماس والقضية الفلسطينية يمكن فهمه من خلال بعض المحددات، أولها، تغيير في البنية السياسية للقيادة السعودية وسيطرة ولي العهد محمد بن سلمان، بشكل أكثر قوة على النظام السياسي، وبالتالي تحقيق امتداد في الرؤية السياسية بالمنطقة لفصائل المقاومة الإسلامية بالتحديد، وتغير مفهوم رؤيتها من القضية الفلسطينية بشكل عام.
الأمر الثاني، وهو الخضوع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للسياسات الأمريكية في أعقاب تولي ترمب رئاسة الولايات المتحدة، والعمل على تحقيق خطة السلام التي يقوم عليها والتي تم تتويجها بصفقة القرن.
والأمر الثالث، وهو إبراز ذاتها "أي المملكة" أنها فاعل في المنطقة سياسيا، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والورقة المباشرة التي تستطيع التحرك بها كان بالعمل على اعتقال هذه الشخصيات الفلسطينية.
وأضاف: كان بإمكان المملكة بكل سهولة أن تقوم بعملية ترحيل لهذه الشخصيات وسحب إقامتها بذريعة اتهامها بالانتماء أو مساعدة حماس أو المقاومة، لكن ذهابها إلى سلوك الاعتقال والمحاكمة، دليل على أن الموضوع ليس بأمني وإنما سياسي، وهذا أيضا سبب الرفض في قبول أي وساطات للإفراج عنهم لأن استمرار اعتقالهم منوط زمانيا بقضايا أخرى.
وعن علاقة الاعتقالات بصفقة القرن، أوضح "بشارات" أن هناك أكثر من هدف أو سبب لهذا الاعتقال، قد تكون للضغط على حماس بهدف قبول صفقة القرن كإحداها، لكن هناك منظور أكبر يتعلق بالتسوية السياسية بالمنطقة، وكذلك أمر يتعلق بالمواقف السياسية المتزنة التي تتسم بها حماس تجاه القضايا المختلفة في العالم، وكذلك علاقتها مع العديد من المحاور التي تنظر المملكة لها على أنها متناقضة معها.
وتابع: "فمثلا ربما يكون أحد الدوافع هو قوة العلاقة ما بين حماس وقطر، أو علاقتها مع تركيا، أو مع إيران، وبالتالي تسعى المملكة لإيصال رسائل لحماس، أنها لن تسلم من أي تضييق ما دامت لم تنخرط ضمن المحور الذي تعتبر المملكة نفسها هي قائده، وهو محور السعودية الإمارات ومصر"، وفق قوله.
وعن إمكانية حدوث انفراجة للقضية، نوه "بشارات" إلى تجربة حماس في كثير من القضايا من بينها قضية اختطاف الشبان في سيناء، والعمل على الإفراج عنهم بعد فترة طويلة، وكذلك مع الكثير من الملفات، تؤكد أنها لا تتوقف عن بذل جهود كبيرة في أي منها.
وأضاف: "ربما تتهيأ الظروف في وقت معين تساعد أو تساهم في تعزيز هذا التحرك، باتجاه الإفراج عنهم، لكن قد يحتاج الأمر لوقت أطول، وقد تطول الأمور لعام آخر، إلا إذا حدثت بعض التطورات الميدانية أو السياسية التي يمكن أن تساهم في الإفراج عنهم".
ويتفق "بشارات" مع "أبوهلال" أن "حماس" لن تذهب باتجاه قطع علاقات تامة مع أي طرف كان، مستدلا بتجربة الحركة السابقة مع طهران ومع مصر وكذلك الأردن، حيث أنها تبقى دائما على قنوات اتصال، لأن ذلك ليس مرهون بمفهوم ضيق لرؤيتها وسياساتها، وإنما لمفهوم مستقبلي يتعلق بمكانة الحركة ومستقبل القضية الفلسطينية.
المصدر: قدس برس
اكتب تعليقك