الجمعة, 26 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > وثائق وقرارات دولية

كوفيد 19 والتطهير العرقي في فلسطين

كيف يمكن أن تغسل يديك عندما تكون المياه غير متوفرة ، وكيف تحافظ على المسافة الاجتماعية عندما يتم الاعتراف بالمكان الذي تعيش فيه (غزة) اليوم كأكبر معسكر اعتقال في العراء.

بقلم باربرا كارامورو
 
مصطلح "التطهير العرقي" الذي استخدمه إيلان بابي ، في كتاب "التطهير العرقي لفلسطين" الصادر في عام 2006 ، لا يزال أحد أكبر وأوضح شرح للمشروع السياسي الصهيوني ، حيث إنه في عام 1948 “عام النكبة “ تم طرد جزء كبير من السكان الفلسطينيين بشكل منهجي من أرضهم ، من منزل إلى آخر ومن قرية إلى أخرى.
 
وأما عن إجرم الحركة الصهيونية ، فقال في كتاباته المعروفة الآن على نطاق واسع ، أن ثيودور هرتزل اقترح في مشروعه “طرد ومصادرة الأراضي من السكان الأصليين  - وهم الشعب الفلسطيني - “، كما يمكننا أن نرى في المقتطف التالي من مذكراته في 12 يونيو عام 1895 ، حيث يقول: "يجب علينا المصادرة بعناية" ، وأيضا قال : "سنحاول طرد السكان البائسين خارج الحدود [...] من خلال حرمانهم من أي وظيفة في بلدنا [...] ولكن يجب أن تتم كل عمليات المصادرة واقتلاع الفقراء من بيوتهم بطريقة سرية وحذرة جدا ".
 
من المحتمل أن بابيه من بين المثقفين الآخرين مثل نور مصالحة ووليد خالد ، الذين فهموا "التهجير" الهائل للفلسطينيين في عام 1948 على أنه إجراءات منظمة لطرد هؤلاء السكان من أراضيهم ، المعروفة باسم "التطهير العرقي" ، حيث أنهم لم يتوقعوا كجزء من هذا المشروع السياسي أن طرد الفلسطينيين من أراضيهم باستخدام جائحة فيروس مدمر كسلاح بيولوجي في تنفيذ المشروع الصهيوني. ولكن لا يمكننا بأي حال من الأحوال تبني نظرية تتهم الحكومة بإنتاج فيروس من خلال الهندسة الوراثية لإجراء تطهير عرقي مستهدف. لأنه مشروع ينم عما هو أبعد من ذلك بكثير ، حيث يتم تجاهل النظريات حول فيروس سارس كوف -2  الذي يؤكد خبراء الصحة أنه يسبب فيروس كورونا كوفيد- 19، "ليس مصنع مخبريا وليس فيروسًا تم التلاعب به عمداً". إن هدفي في هذا النص هو توضيح كيف أن بعض الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية تسمح لنا بإدراك حقيقة استخدامها للفيروس الذي ينتشر على مستوى العالم على أنه "سلاح بيولوجي" ولكنه في الحقيقة يستخدم في عملية التطهير العرقي للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية .
 
وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن كورونا - الفيروس التاجي - ينحدر من سلالة كبيرة من الفيروسات التي يمكن أن تسبب المرض في كل من الحيوانات أو البشر. ومن المعروف أن العديد من الفيروسات التاجية تسبب التهابات في الجهاز التنفسي التي تتراوح مابين نزلات البرد إلى أمراض أكثر تعقيدا وخطورة ، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، وأحدثها الآن وهو كورونا المكتشف حديثا ، الذي بدء بالتفشي في ووهان في الصين ، في شهر ديسمبر 2019. " وفي الأسبوع الأخير من شهر مارس ، تم الإبلاغ عن إصابة حالتين بالفيروس في غزة لأول مرة في 30 آذار ، بحسب ميدل إيست مونيتور ، تجاوز الحالتين إلى 9 ، ليصبح بذلك مجموع الحالات في فلسطين أكثر من 104 حالات. في الأسابيع الأخيرة ، نُشرت على نطاق واسع حول العالم بعض الأخبار حول التعاون المتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في محاربة الفيروس ، وكذلك وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل. ولكن وسائل الإعلام تركت جانبا بعض الإجراءات التي تتخذها دولة إسرائيل والتي تعتبر أساسية لفهم الحجة المعنية.
 
حدثت مؤخرا بعض الأحداث الهامة التي توضح كيف تواصل إسرائيل التصرف ، مما يتيح الفرصة لانتشار الوباء أكثر: ففي السادس والعشرين من شهر مارس 2020 ، قامت مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي مجهزة بحفارة وشاحنات ، بتدمير عيادة تم بناؤها في قرية خربة إبزيق الفلسطينية في الشمال عند وادي نهر الأردن في الضفة الغربية. كانت المواد التي جمعتها الشاحنات عبارة عن صفائح وخشب ومولد وخرسانة وأسمنت ستستخدم في بناء عيادة طوارئ مجتمعية ، بالإضافة إلى مسجد وملاجئ للفلسطينيين المطرودين من منازلهم بسبب الصراعات في المنطقة. وفي السابع والعشرين من شهرمارس ، هاجمت الطائرات الإسرائيلية قطاع غزة ، وتحديداً شمال غرب غزة وشرق مدينة جباليا.  و علاوة على ذلك فبمجرد أن تم تحديد وضع الوباء في جميع أنحاء العالم ، أغلقت الحكومة الإسرائيلية نقاط التفتيش وحظرت مرور الفلسطينيين ، مما أدى إلى العزلة بين السكان. ومن الجدير الآن أن ينظر العالم الذي يعيش عزلة اجتماعية عالمية أن قطاع غزة ظل معزولًا منذ عام 2006 ومازال تحت الحصار حتى وقتنا الحالي، وذلك بعد أن فرضت دولة الاحتلال الحصار. وتفاقمت الأزمة بعد الانتخابات (الديمقراطية) لحركة حماس - حكومة غزة الحالية - . وبحسب موقع فلسطين كرونيكل: "في حين فرض الحجر الصحي في الضفة الغربية والقدس ، أفاد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الإسرائيليين نفذوا 59 هجوما على منازل الفلسطينيين واعتقلوا منهم 51 شخصا".
 
 تم تناقل هذه الأخبار من قبل وسائل الإعلام العربية والفلسطينية ، مستنكرين استخدام إسرائيل للعزل الإجتماعي والحصار كأدوات في المشروع الصهيوني للتطهير العرقي. يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار أيضًا نقص المعلومات الإعلامية المتعلقة بالصراعات وأيضًا حالات الإصابة بفيروس كورونا في فلسطين وتحديد هذه الأرقام. و كان موقع جامعة جونز هوبكنز الشهير للطب محل جدل بعد إزالة هوية "فلسطين" من خريطة العالم لعدوى المرض ، وترك فقط "الضفة الغربية وقطاع غزة" في البيانات. إن تدمير المستشفى المؤقت ، والحصار المفروض على غزة ، حيث يعتمد مليونا شخص حاليًا بشكل كبير على المساعدات الإنسانية الدولية ، مع نقص الإمدادات المستقلة من الماء والغذاء والدواء ، مما أدى إلى تقييد حركة الفلسطينيين - ملثمين بشرط العزلة ووسائط إعلامية محدودة للغاية تروج صورة إيجابية لإسرائيل - هي إجراءات تؤدي إلى ارتفاع مستويات العدوى بفيروس كورونا ، وفرص أقل لتلقي العلاج المناسب للفلسطينيين مما يتسبب في زيادة أعداد وفياتهم.
 
لا يمكننا أن نعزل عن هذه الإجراءات الدعم الذي تتلقاه الحكومة الإسرائيلية من إدارة دونالد ترامب. حيث تعود العلاقات الودية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إلى زمن بعيد ، ويعود تاريخها إلى اليوم الذي قامت فيه إسرائيل في عام 1947. ويجب على المرء أن يفكر أيضًا في الأراضي المحتلة ، وعلى وجه الخصوص وادي نهر الأردن ، الذي قام مؤخرًا في مشروع الاتفاق المسمى "السلام من أجل الرخاء ، و رؤية لتحسين حياة الفلسطينيين والإسرائيليين" ، تحت مايسمى أيضًا "اتفاق القرن" ، حيث كان من بين المقترحات العديدة التي اقترحها ترامب أن يتم ضم منطقة نهر الأردن من قبل دولة إسرائيل . الاقتراح  الذي رفضه الفلسطينيون بشدة ، والمجتمعات الفلسطينية الدولية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ، محمود عباس. ولكن على الرغم من ذلك فقد أدلى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ببيان قال فيه: إنه سيبدأ التنفيذ المقترح في مشروع ترامب بضم وادي نهر الأردن.
 
من ناحية أخرى ، يجب أن نعتبر أنه حتى في الظروف غير المثالية ، فإن الحالات في فلسطين أقل بكثير منها في إسرائيل. حيث تتعاون في احتواء الوضع كل من مؤسسات المجتمع المحلية والحكومة الفلسطينية لتحد انتشار الفيروس من خلال إجراءات السيطرة والعزل. يوجد في إسرائيل في 30 مارس 4695 حالة و 16 حالة وفاة ، وفقًا لجونز هوبكنز، حيث أشار نفس الموقع إلى وجود 116 حالة في فلسطين ووفاة واحدة فقط (تم الإبلاغ عنها في الضفة الغربية وقطاع غزة ، كما ذكر سابقًا). حتى أن المصادر المحلية تشير إلى أن إجراءات الاحتواء الفلسطينية كانت أكثر فعالية من تلك التي تبناها الإسرائيليون.
 
بينما تجري حملات في العالم مطالبة السكان بغسل أيديهم ، ولكن كيف يكون ذلك ممكنا في فلسطين المحتلة وغزة ؟! حيث يتم تقييد إمدادات المياه والرعاية الطبية والتحكم فيها، فضلاً عن عدم التجانس في تنفيذ إجراءات التضامن من أجل المساعدة الطبية. في غزة من جانبها ، شاركت دويتشه فيله نيوز صور السكان الذين يرتدون ثيابهم الواقية الخاصة بهم في الشوارع، ويقومون باستخدام مواد التنظيف في محاولة لتنظيف وتعقيم الشوارع والمنازل والمحال التجارية. والمشكلة الأخرى هي حالة العمال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ، فوفقا لهذا المقال الذي تم تكراره على موقع فلسطين كرونيكل فقد ذكر عامل بناء فلسطيني يدعى كريم أنه  : "طالما بقي الإسرائيليون داخل منازلهم ، فإنهم يضعوننا في العمل حتى لا تنهار الأشياء و حتى ينقذوا بذلك اقتصادهم " .
 
كيف يمكن أن تغسل يديك عندما يكون الماء غير متوفر؟ كيف تحافظ على المسافة الاجتماعية عندما يتم الاعتراف بغزة اليوم كأكبر معسكر تركيز في الهواء الطلق؟ كيف يمكن اتباع تعليمات الوقاية من العدوى عندما يعيش مليوني شخص على شريط صغير من الأرض ، تحت الحصار العسكري الإسرائيلي ، مع محدودية الوصول إلى الطعام ، وأقل من ذلك ، إلى "الذهب الجديد" ، الكحول الهلامي؟
 
عندما يواجه العالم قرابة سبعمئة ألف حالة مؤكدة للإصابة بفيروس كورونا ، و أكثر من ثلاثة وثلاثين ألف حالة وفاة مؤكدة في 203  من الدول المتضررة ، يتم عزل الفلسطينيين و قصفهم ويستمر الحصار في غزة دون وجود الحد الأدنى من المساعدات الطبية ، و دون الإمداد المناسب بالمياه والغذاء والأدوية والأدوات الطبية وغيرها . مازال الفلسطينيون وبالرغم من سوء الظروف المعيشية يؤكدون على أن الاحتلال يسعى لتنظيف الشوارع ، وتنظيف الأرض نعم.. ولكنهم يضمرون بذلك نية توسيع مشروعهم الصهيوني ، وممارسة التطهير العرقي.
 
 
باربرا كارامورو طالبة دكتوراه في الأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة سانتا كاتارينا الفيدرالية - البرازيل
 
 
الترجمة من اللغة البرتغالية : معهد البرازيل فلسطين - إبراسبال
 
 
المقال الأصلي متاح هنا
 
 

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.