السبت, 20 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > وثائق وقرارات دولية

72 عاما من الصمود لتحرير فلسطين من الاستعمار الإسرائيلي

بقلم مارسيلو بوزيتو

لم يبدأ نضال الشعب الفلسطيني للحصول على الاستقلال والحق في تقرير مصيره في عام 1948، فقد شهد جميع الفلسطينيون الذين ولدوا في القرنين العشرين والحادي والعشرين بطريقة أو بأخرى بشكل مباشر نوعاً من أنواع الاستعمار، و شهدوا جميعاً على احتلال وطنهم من قبل قوة عسكرية أجنبية، وقد نشأوا في خضم استعراضٍ عسكري من قبل قوات الاحتلال و قوانينه التي تحظر حرية الصحافة وحرية التنظيم النقابي وحرية التنظيم السياسي وتحرم الناس حرياتهم في التبضع والتنقل، كما ويتم إذلالهم من قبل الشرطة والمستوطنين ومن قبل جيش الاحتلال، ويتم منعهم من التعبير علانية عن أفكارهم سواء من خلال قصيدة أو أغنية أو مقال صحفي أو كتاب أو تجمع في شوارع وطنهم.

هل يمكن لنا في البرازيل أن نتخيل وأن نشعر بتأثير هذا الوضع المأساوي على حياة الآلاف من الناس الذين ولدوا وأصبحوا مراهقين ثم بالغين، وأصبحوا آباءً ثم أجدادًا، ولم يكن لديهم الحق في أن يروا ولا أن ينتموا إلى دولة حرة ومستقلة وذات سيادة؟

هكذا يعيش الفلسطينيون في ملحمة من المعاناة والألم والقمع والأمل والمقاومة،  يواصلون صراعهم العادل بأشكال وأساليب مختلفة، مسترشدين دائمًا باستراتيجية يفترض أن توحد جميع القوى الديمقراطية والشعبية والتقدمية، ولكن في هذه المعركة من أجل الاستقلال الوطني، يظهر عدو شرس قد حصل على دعم كبير، ألا وهي الحركة الصهيونية، الحركة الاستعمارية المؤيدة للإمبريالية ذات الجوانب والوجوه المتعددة، التي عملت على إغراء جزء كبير من المجتمع اليهودي، خاصة في الفترة الممتدة ما بين عامي 1897 -1947، الفترة التي شهدت فيها الحركة تطورًا وتوسعًا عالميًّا. تلك المنظمة العالمية ذات الفروع المتعددة المتواجدة داخل فلسطين وخارجها، مع دعم مالي تحسد عليه، ودعم سياسي من المشاهير والفنانين والسلطات والحكومات ووسائل الإعلام، ومع مشروعها لاستعمار فلسطين تم تعزيزها بشراء الأراضي والاستيلاء التدريجي على أجزاء مهمة واستراتيجية من الأراضي. إن تنظيم المستعمرات أو المستوطنات الصهيونية في فلسطين، في خمسين سنة - في الفترة المذكورة أعلاه - خلق اقتصادًا مستدامًا ذاتيًا، وعلاقات اجتماعية وعملية جديدة، ونظام أمن ودفاع، مع تدريب عسكري  وإنشاء ميليشيات خاصة به، وإنتاج الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى مخطط هجرة يهودية صهيونية جريئة وناجحة من أوروبا ومناطق أخرى من العالم. لقد فاجأت الصهيونية العالم حقًّا في ابتكارها أساليب الاستعمار الحديثة، ولكنها لم تتخلَّ أبدًا عن الطرق التقليدية لغزو الأراضي التي تستخدم العنف والتطهير العرقي وسياسات الفصل العنصري، وهي الخصائص الرئيسة لما يسمى "دولة إسرائيل"، وذلك منذ 15 مايو 1948 إلى يومنا هذا.

 

المقاومة الفلسطينية في أوج المعركة ضد الصهيونية والإمبريالية

بدأت بين عامي 1948 و 1964 مرحلة جديدة من المقاومة الفلسطينية، في حين  كانت هناك ثورات معادية للرأسمالية ومناهضة للإمبريالية في جميع أنحاء العالم، وكانت هناك الثورة الروسية عام 1917 وقيام الاتحاد السوفييتي، بالإضافة إلى دورها الحاسم في هزيمة النازية. وقيام الثورة الصينية عام 1949، والثورة المصرية عام 1952، والثورة الكوبية عام 1959 والثورة الجزائرية عام 1962، كلها أحداث تاريخية مهمة ومؤثرة على اتجاه حركات التحرر الوطني، وأيضا على المقاومة الفلسطينية التي ستأخذ جميع هذه التجارب والأحداث بعين الاعتبار وتسعى إلى تكييفها بما يتناسب مع ظروف نضالها. إن الانتصارات التي حققها شعب فيتنام في أعوام 1945 و 1954 و 1975، بقيادة الشيوعيين "هو شي مين" و"جياب" ، التي أمدت الفلسطينيين بمزيد من الشجاعة والأمل و حثتهم على إنشاء منظمات المقاومة الخاصة بهم، وأيضا التجارب التي كانت تحصل في مصر والجزائر، وكيف سيصبح جمال عبد الناصر وحركة المسؤولين الأحرار والاتحاد الاشتراكي العربي  مرجعًا ومصدرًا رئيسًا لدعم القضية الفلسطينية في العالم العربي. (بين 1952 و 1970). كما عززت الثورة في الجزائر الحركة الوطنية الفلسطينية، وعززت فكرة أن "الكفاح المسلح هو وحده القادر على تحرير فلسطين". قادة مثل ياسر عرفات وجورج حبش يخرجون من داخل الحركة القومية العربية. الأول أنشأ حركة التحرير الوطني (فتح). والثاني أنشأ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اللذان يجتمعان لاحقًا في عام 1964 عند تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت في الأصل ذراعًا للجامعة العربية.  ولكن الفكرة هي أن تكون واجهة للمنظمات الفلسطينية بدعم مالي من الدول العربية. وفي عام 1969 حين تولى ياسر عرفات رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية دعا جميع منظمات الكفاح المسلح إلى التوحد لمحاربة "دولة إسرائيل"، ولتحقيق الاستقلال الذاتي فيما يتعلق بالدول العربية، جاعلاً الفلسطينيين الرواد الرئيسيين لنضال التحرير الوطني. منذ عام 1964 حاولت منظمة التحرير الفلسطينية بناء "جيش التحرير الفلسطيني"، الذي شكلته المنظمات السياسية العسكرية الفلسطينية بالتعاون مع الحكومات العربية مثل الأردن ومصر وسوريا والعراق وليبيا (بعد عام 1969). بين عامي 1969 و 1988 كان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية والأغلبية الساحقة مما يسمى بالدول الاشتراكية مؤيدين بالفعل لنضال الشعب الفلسطيني داخل الأمم المتحدة وخارجها، وقد كان هذا الدعم في الأمم المتحدة أساسيًّا، وحتى أن التحالف بين الكتلة الاشتراكية والصين وجامعة الدول العربية وحركة دول عدم الانحياز قد نتجت عنه قرارات عديدة تندد بالاحتلال الصهيوني، وتدافع عن حق اللاجئين في العودة، وضرورة انسحاب القوات "الإسرائيلية" من الأراضي المحتلة بما فيها القدس، وإدانة الصهيونية لأنها حركة عنصرية.

بين عامي 1969 و 1988 وصلت الحركة الوطنية الفلسطينية ذروتها في النضال من أجل تحرير وطنها، واكتسبت شهرة دولية، وفازت باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني وأصبحت أملاً للعالم العربي بأسره. تقوم منظمة التحرير الفلسطينية أيضًا ببناء هيكل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي في مخيمات اللاجئين، وتقديم المساعدة للعائلات، ولا سيما أسر الشهداء والسجناء السياسيين في السجون الإسرائيلية. كما كانت لمنظمة التحرير الفلسطينية أهميتها، حيث سعت إلى بناء الوحدة الضرورية التي تحتاجها كل حركة مناهضة للإمبريالية من أجل البقاء والانتصار. ولكن في الداخل كانت هناك دائمًا خلافات وانقسامات وصراعات، وكما هو متوقع و نظرًا لطبيعة المنظمات التي كانت جزءًا من هذه التجربة على الجبهة السياسية والاجتماعية والعسكرية. في السبعينيات والثمانينيات، وسعت منظمة التحرير الفلسطينية تنظيمها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأصبح هذا البلد العربي مركز المقاومة المعادية للصهيونية والإمبريالية في الشرق الأوسط، حيث تعززت المعارك في لبنان ضد القوى الرجعية والفاشية الجديدة والمؤيدة "لإسرائيل" والقوات الأمريكية، وتحققت الوحدة العربية الفلسطينية-اللبنانية، لكن تقييمات مختلفة لاتجاه منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت نشأت أيضًا داخل حركة المقاومة وفي مناطق أخرى من البلاد، ويعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ذو تأثير على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وأيضًا مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت، في سبتمبر 1982، التي تسببت في غضب دولي كبير، وأدت صورالأطفال والنساء المسنات والحوامل والمدنيين الذين قتلوا بجبن وقسوة من قبل إرهابيين من حزب الكتائب اليميني اللبناني بتواطؤ ودعم من الجيش "الإسرائيلي"، إلى دفع الإسرائيليين أنفسهم إلى تنظيم مظاهرة مع 200 ألف شخص في تل أبيب تطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، وتصرخ "ليس باسمنا!".

في غضون ذلك  تطورت أشكال مختلفة من النضال والمقاومة داخل فلسطين المحتلة، بالإضافة إلى حركات الفلاحين والطلاب والعمال والنساء والمدرسين والمثقفين وبعض أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية والنشطاء المستقلين أو أعضاء مرتبطين ببعض القيادات الدينية الإسلامية أو المسيحية.

في الثمانينيات تم تشكيل فرع آخر للمقاومة الفلسطينية خارج منظمة التحرير الفلسطينية، وهي "منظمات قومية إسلامية" مدفوعة أيضًا بدعم خارجي، ولكن مع قاعدة اجتماعية صلبة في الأراضي المحتلة ، منها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، وهكذا فإن المقاومة الفلسطينية تتطور بأكثر الطرق تأثرًا بالظروف السياسية الإقليمية والدولية وتعتمد على تنوع الحركات والمنظمات.

 

المقاومة الفلسطينية بين عامي 1988 و 1993: تحت تأثير اتفاقات أوسلو

منذ بداية السبعينيات كان القطاعان العربي والفلسطيني يناقشان إمكانية قبول قرار الأمم المتحدة رقم 181 وهي "خطة المشاركة الفلسطينية" في 29 تشرين الثاني 1947. وقد ظهرت شرائح من البرجوازية العربية والفلسطينية في هذا الاتجاه، وكذلك العديد من الأحزاب الشيوعية والاشتراكية العربية التي كانت تحت تأثير الاتحاد السوفييتي، قام ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية برحلات عديدة إلى موسكو وإلى دول عربية مختلفة، وخلال الحوار مع ممثلي تلك الحكومات طرحت مسألة: "أنه يجب أن يرتبط الدعم المستمر للقضية الفلسطينية ببناء اتفاق مع إسرائيل"، وهذا ما لم يمكن من الممكن تصوره داخل منظمة التحرير الفلسطينية وعند الشعب الفلسطيني، لذلك كانت قطاعات قمة منظمة التحرير الفلسطينية بالقرب من عرفات وتحت قيادته تبني اتفاقًا فوقيًّا دون مشاركة نشطة وكبيرة من قبل الشعب الفلسطيني أو منظماته الشرعية داخل منظمة التحرير أو خارجها، وقد قاد هذا الأسلوب الشخصي للتوجيه السياسي منظمة التحرير الفلسطينية إلى اجتماعات سرية مع وفد إسرائيلي في مدينة أوسلو في النرويج  بين عامي 1988 و 1993، من أجل إيجاد تفاهم قائم على الحل المعروف لدولتين، واحدة موجودة بالفعل ألا وهي "إسرائيل"، وأخرى يمكن أن تولد ألا وهي فلسطين. في الواقع، فرضت "إسرائيل" والولايات المتحدة المفاوضات، ولم يوافق الوفد الفلسطيني إلا على الشروط المقدمة، وسعى لإقناع الشعب الفلسطيني بأن هذه هي الطريقة الوحيدة، كما فهمها المفكر الأمريكي إدوارد سعيد واستنكرها. لم يكن الاعتراف بإسرائيل والدفاع عن حل الدولتين موضوع نقاشات واسعة النطاق داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، كما لم يكن هناك تشاور أو استفتاء شعبي، حتى يتمكن الناس من تحديد ما يريدون، ذلك الاتفاق الذي تم بناؤه على أيدي كبار مستشاري منظمة التحرير الفلسطينية، وهم رجال عرفات الموثوق بهم، الغالبية العظمى منهم كانوا بيروقراطيين يعيشون في الولايات المتحدة ويسعون إلى دعم أفعالهم بين أعضاء الحكومة الأمريكية.

هذه المبادرة الفوقية التي تمت بدون مشاركة ديمقراطية وجماعية من قبل المنظمات التي كانت جزءًا من منظمة التحرير الفلسطينية، ولدت المزيد من الصراعات والانقسامات الداخلية في الحركة الوطنية الفلسطينية، وكانت اتفاقات أوسلو بمثابة استسلام للقيادة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولا سيما فتح. وقد بدأ التعاون الوثيق مع السلطات في إسرائيل والولايات المتحدة، بشكل رئيسي في تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، التي هي اليوم السلطة الفلسطينية، في العديد من المجالات، بما في ذلك الأمن. جلب إنشاء السلطة الفلسطينية العديد من قادة منظمة التحرير الفلسطينية الذين كانوا في المنفى إلى الأراضي المحتلة، وأصبحت  السلطة الفلسطينية "حكومة" مع فيلق من حوالي 180،000 موظف مدني. وقد أدى الاتفاق إلى انهيار منظمة التحرير الفلسطينية، التي شهدت عملية تسريح وفقدان المكانة، ويرجع ذلك أساسًا إلى مزاعم الفساد والامتيازات للعديد من القادة، وقد مهدت معنويات منظمة التحرير الفلسطينية الطريق أمام صعود حماس وغيرها من المنظمات التي اتخذت القرار بمواصلة المقاومة ضد إسرائيل.

 

72 سنة من التحديات وصمود المقاومة الفلسطينية بعد النكبة

لقد ثبت أن قرار التوقيع على اتفاقية أوسلو كان خاطئًا للغاية ومخالفًا إلى حد كبير لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مثل حق العودة، المكفول بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 194. وإن هذا الفرض الذي تمت تسميته "اتفاقا"، لم يسمح أيضًا بمناقشة موضوعين رئيسيين وتاريخيين آخرين للحركة الوطنية الفلسطينية، ألا وهما قضية القدس وإطلاق سراح السجناء السياسيين. بقبول فرض "إسرائيل" عدم مناقشة مثل هذه المواضيع، أظهرت اتفاقية أوسلو بالفعل انتصار الحكومة الاستعمارية الإسرائيلية، التي قدمتها وسائل الإعلام التجارية والإعلامية المؤيدة للإمبريالية كدولة ديمقراطية متسامحة قدمت تنازلات تهدف إلى السعي إلى السلام في المنطقة من الشرق الأوسط.

لم يتسبب أي قرار سابق صادر عن قمة منظمة التحرير الفلسطينية في الكثير من عدم الثقة وعدم اليقين والخلاف داخل النضال الفلسطيني. وبين عامي 1993 و1994 شهدنا عمليات انقسام مستمرة، وتطورت العديد من التناقضات التي أضعفت المقاومة الفلسطينية في وجه عدوها الرئيسي، وأصبحت السلطة الفلسطينية، كما وصفها إدوارد سعيد "مديرًا للإدارة الاستعمارية الإسرائيلية البيروقراطية" التي اكتسبت امتيازات، واغتنمت الأموال التي وصلت عبر "إسرائيل" لتجميع الثروة والسلطة.

كانت إحدى التحديات الرئيسية للمقاومة الفلسطينية لقطاعات حركة التحرير الوطني التي كانت ضد اتفاقيات أوسلو هي خوض معركة الأفكار والتواصل، في محاولة التوضيح للسكان تلك الأكاذيب والأوهام التي جلبتها "اتفاقية السلام المفترضة". لقد انتهى الأمر في العديد من القطاعات الفلسطينية، التي تعبت من الكثير من القمع والعنف بحسن نية معتقدة أنها يمكن أن تعيش الآن في سلام، وتعمل وتبني حياة كريمة. لقد حاربت أكثر القطاعات المتنافسة في المقاومة الفلسطينية يوميا الدعاية لاتفاقيات أوسلو، وكان الواقع يظهر أنها كانت على حق، لكن الظروف المواتية للتحليل النقدي والتي أدت إلى رفض قوي لاتفاقيات أوسلو تطورت على حساب الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب الفلسطيني ولا سيما أنه الأكثر فقرًا، ولا سيما أن الأكثر فقرًا هم في غزة، وقد استغرق الأمر زيادة في المستوطنات الصهيونية غير القانونية في الضفة الغربية، وبناء جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية، وهدم زيادة أعداد هائلة من المنازل الفلسطينية، وزيادة أعداد السجون السياسية وزيادة القتل والهجمات العسكرية الإسرائيلية، وبشكل رئيسي - ولكن ليس فقط - ضد غزة، السياسة "اليهودية" الخاصة بالقدس، قرار إسرائيل إعادة التأكيد على القدس باعتبارها "عاصمة أبدية وغير قابلة للتجزئة للدولة اليهودية" ومطالبة الدول بنقل سفارات تل أبيب إلى المدينة المقدسة بحيث يمكن لقطاعات المجتمع الفلسطيني أن تدرك أن "اتفاقات أوسلو" كانت في الواقع هزيمة ويجب أن ترفضها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وتتخلى عنها. ربما كان الحد الفاصل هو عرض رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب لما يدعوه "اتفاق القرن" (الذي يطلق عليه الفلسطينيون "سرقة القرن")، دفن هذا الاقتراح مرة واحدة وإلى الأبد العديد من الالتزامات التي تم التعهد بها في أوسلو، مما زاد من تدهور وضع الشعب الفلسطيني ومنح الحكومة الإسرائيلية المزيد من الحقوق لمواصلة توسيع سيطرتها الإقليمية على المناطق التي لم تخضع بعد للسيطرة المطلقة للاستعمار الصهيوني، وبالطبع فقد أيدت الحكومة الإسرائيلية ودعمت مبادرة ترامب غير القانونية وغير العادلة.

هذا هو الوضع الراهن في فلسطين ، تفتح الأبواب تارةً لاحتمال بناء وحدة وطنية فلسطينية، لأن هناك اعتراف بالأغلبية الساحقة من السكان الفلسطينيين بأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تحقق السلام والعدالة هي طريق المقاومة النشطة والشعبية والموحدة. لم يكن من الملح أبدًا التغلب على تحدي بناء الوحدة ضد الاحتلال الصهيوني. لكن هذه ليست عملية بسيطة أو عملية خالية من المشاكل والتناقضات. لكن التاريخ الكامل لحركات التحرر الوطني المناهضة للإمبريالية والتاريخ الكامل للمقاومة الفلسطينية والتاريخ الحديث للعالم العربي والشرق الأوسط (خاصة في لبنان وسوريا) يعلمنا أنه من الممكن بالفعل هزيمة الصهيونية والإمبريالية ، حتى عندما يتصرفون بشكل مشترك و يستثمرون العديد من الموارد البشرية والمادية في الحرب وفي بناء وتنسيق المنظمات. لقد كانت القيادة الموحدة للثورة الفلسطينية واحدة من التحديات الرئيسية منذ عام 1969 حيث نلاحظ أن الإرادة السائدة داخل الشعب الفلسطيني هي وحدة جميع منظمات المقاومة، وهي وحدة مماثلة لتلك الموجودة بين الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن المقاومة الفلسطينية تواجه طريقًا مسدودًا ، لكنها لا تزال نشطة جدًا من منظور إيجاد مسار بديل لمسار أوسلو، ولهذا تحتاج إلى إثبات أن الثورة الفلسطينية لا تزال ضرورية، وأنها ستنتصر فقط كجزء من الثورة في العالم العربي، وجزء من كل النضالات من أجل العدالة ضد الإمبريالية والتحرر الوطني الموجودة في جميع أنحاء العالم.

لقد تعلمنا من خلال تجربة الشعب الفلسطيني خلال كل هذه السنوات الـ 72 أن لا شيء ولا أحد ، يمكن أن يوقف مسيرة شعب يسعى لنيل حريته.

 

مارسيلو بوزيتو هو أستاذ جامعي حاصل على دكتوراه في العلوم الاجتماعية من الجامعة الكاثوليكية البابوية في ساو باولو، وعضو في مركز دراسة الإيديولوجيات والصراعات الاجتماعية، وحاصل على الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وعضو في المجلس الإداري والأكاديمي لمعهد البرازيل فلسطين إبراسبال، ومنسق الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين في البرازيل.

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.