الجمعة, 26 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > الإرهاب الإسرائيلي

ذكرى استشهاد القائد صلاح شحادة..رجل تحاربه دولة

يصادف اليوم الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد أحد رجالات المقاومة الفلسطينية، والذي كان يوم استشهاده شاهداً على وحشية الاحتلال وهمجيته، حيث قامت طائرة إسرائيلية بإلقاء قنبلة وزنها طن على المنطقة التي يسكن بها، لترتفع روحه إلى بارئها مع آخرين من النساء والأطفال ، في واحدة من أبشع مجازر الاحتلال وجرائمه بحق الإنسانية.

تدرج في وظائف مختلفة منذ العام 1976 إلا أن القدر كان يصنع للرجل طريق الجهاد والبطولة، فاعتقل في العام 1984 بتهمة القيام بنشاط معادي للاحتلال، ليتم تعيينه بعد الإفراج عنه مديرا لشؤون الطلبة في الجامعة الإسلامية في غزة في العام 1986، في ذلك الوقت كانت فلسطين على موعد مع واحد من أهم وأخطر الأحداث في تاريخها المعاصر وهو الانتفاضة الأولى التي اندلعت في 8 ديسمبر من العام 1987 لتشتعل فلسطين بكاملها في وجه المحتل الصهيوني لتجعله في حيرة من أمره، ويتخذ سلسلة إجراءات لتحجيم الانتفاضة، والتي كان من بينها إغلاق الجامعة الإسلامية في غزة، إلا أن صلاح شحادة تحدى قرار سلطات الاحتلال وواصل عمله بالجامعة، فتم اعتقاله مرة أخرى في العام 1988 بتهمة تشكيل الجهاز العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس وإصدار الأوامر باختطاف جنود للاحتلال وبعض العمليات الجهادية، وليبقى في السجن لغاية 14 مايو 2000.

تلك السنوات الطويلة التي قضاها صلاح شحادة في السجن لم تزده إلا إصرارا على الجهاد، ليخرج الرجل مفعما بالعزيمة مقداما على الشهادة، فأعاد ترتيب كتائب القسام، وأجمعت القيادة في ذلك الوقت على اختياره قائدا عاما للكتائب ليشرف ويخطط على العديد من العمليات الاستشهادية التي أوجعت العدو الصهيوني، حتى صنفه العدو في ذلك الوقت المطلوب رقم ” 1 ” على قوائمه.

كان اسم صلاح شحادة مرعبا للكيان الصهيوني مزلزلا لوجودهم محطما لعزيمتهم، لذلك كان القضاء عليه على رأس سلم أولويات القيادة الصهيونية، ففي يوم 22 يوليو من العام 2002 أشرف رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك، أرئيل شارون، على إلقاء قنبلة تزن طنا على بناية في حي الدرج في مدينة غزة، كان القائد صلاح شحادة متواجدا فيها برفقة زوجته ومرافق له من كتائب القسام، ليستشهدوا جميعا ومعهم ثمانية أطفال وسميت تلك المجزرة ” مجزرة الدرج “. هنأ الجيش الإسرائيلي قائده على اغتيال العدو الأول لهم كما سموه في ذلك الوقت، وهنأت فلسطين وشعبها صلاح شحادة ومن معه على الشهادة في سبيل الله وفي سبيل إبقاء شعلة المقاومة متقدة في تلك الأرض الطاهرة.

اهتم رحمه الله بالشباب؛ فكان يطالب بتنظيمهم وإلحاقهم في صفوف الكتائب، ويقوم بتدريبهم وإسناد مسؤوليات كبرى على عاتقهم، وتدفق لحظتها مئات الشباب اليافعين لنصرة بلادهم ، وتم استيعاب خيرة الجنود الذين أصبحوا من أفاضل القادة فيما بعد، كان يعمل بتكامل ما بين التدريب والتجهيز والتنفيذ، ما بين التنظير ونشر الفكر والوعي الوطني القيمي الديني العسكري.

منح الله القائد صلاح شحادة طاقة من الصبر والاحتمال أعجزت سجانيه، فلم يتمكنوا من انتزاع أيِّ معلومة منه، ولم تنجح كل وسائل التعذيب التي استخدمها المحققون في جهاز الشاباك الإسرائيلي في كسر إرادته والحصول منه على خيط لمعرفة مكان جثة الجنديين المختطفين "آفي سبارتوس، وإيلي سعدون"، كما أنهم لم يتمكنوا برغم سنوات الاعتقال الطويلة وملاحقة العملاء له خارجه من التوصل إلى المعلومات التي قد تفيد في ضرب المقاومة أو تتسبب في إضعافها.. وقد عبر لزوجته (رحمها الله) عما لحق به في السجون والمعتقلات الإسرائيلية من صنوف الأذى والتعذيب، قائلاً: "لم يَدَع جنود الاحتلال شعرة في ذقني أو صدري إلا نتفوها، حتى شككت أنه يمكن أن تنبت لي لحية مرة أخرى، واقتلعوا أظافر قدمي ويدي، ولكني والله ما شعرت بألم، ولم أتفوَّه بآهة واحدة.. فقد كنت أردد القرآن".

تمتع رحمه الله بكاريزما آسرة، وكانت له هيبة وحضور ملحوظ، ومع ذلك تراه بين جنوده متبسطاً متفاهماً يسابقهم على فعل الأشياء والقيام بالجهد من غير تكلف، ورغم صلابته وحدية طباعه فيما يخص العدو، إلا أنه منفتح على الآخر، وتميز بالمرونة مع الفصائل الأخرى، وهو صاحب استراتيجية التعاون معهم وتنفيذ العمليات المشتركة وتبادل الخبرات، فكان ينشر العلم العسكري لمن طلبه، ويقول طالما ستقاوم إذاً من حقك أن تتعلم، لهذا بكاه قادة الجهاد والجبهة وكتائب الأقصى.

كان عملية تصفيته نوعية من حيث بشاعة الجريمة وفظاعتها، وكانت طريقة اغتياله حدثاً مشهوداً سمع به العالم أجمع، حيث قامت طائرة حربية إسرائيلية من طراز (إف 16) باستهداف المبنى الذي تقيم فيه عائلته بحي الدرج في مدينة غزة بقنبلة زنتها طن من المتفجرات، فاستشهد جراء هذا العدوان الإجرامي الغاشم القائد المجاهد صلاح شحادة مع سبعة عشر شخصـاً آخر، كان من بينهم مساعده وأحد عشر طفلاً وزوجته وابنته الصغرى، وجرح أيضاً مائة وخمسون آخرين.

ستبقى ذكراك ترعبهم يا رجلا تهابه دولة وترتعد منه أركانها، فإن للباطل جولة وللحق جولات، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. 

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.