الاثنين, 06 مايو 2024

اللغة المحددة: العربية

القدس مهوى أفئدة الأتراك

تخضع زيارة الأتراك إلى مدينة القدس لحوار الذات الذي أنشأه الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي عند مروره العابر بأسوار المدينة، فهم يرون في كل ما في القدس حافزا يدفعهم إلى زيارة "تزيح عن وجه المدينة حجاب واقعها السميك" لكي يروا فيها هواهم.

وتنتشر في الولايات التركية المختلفة المئات من شركات السياحة والسفر التي تقدم عروضا لزيارة القدس ضمن برامج متكاملة تشبه إلى حد كبير أسلوب رحلات الحج والعمرة إلى الديار المقدسة.

 

وتشير بعض الإحصائيات التركية إلى أن أكثر من 15 ألفا وثمانمئة تركي زاروا القدس في العام 2016، وأن العدد ارتفع إلى أكثر من 23 ألفا في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي.

 

وتثير زيارة المسلمين "غير الفلسطينيين" للقدس جدلا بين فريق يرى في ذلك تطبيعا مع الاحتلال من بوابة إذن الدخول والأختام الإسرائيلية على جوازات السفر، وفريق آخر يرى في زيارة المدينة تواصلا معها وتثبيتا لأهلها على أرضهم.

 

تقديس الحج
أكثر ما يميز التجربة التركية في زيارة القدس هو اقتران الزيارة عادة برحلات الحج والعمرة التي يحرص الأتراك على "تقديسها" عبر زيارة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما تتميز هذه الزيارات باقتصارها على زيارة المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس دون تنفيذ جولات سياحية فيما سواهما من فلسطين المحتلة.

 

ورصدت الجزيرة نت تجربة جمعية حماية التراث العثماني في بيت المقدس (ميراثنا) التي دأبت منذ تأسيسها عام 2008 على تنفيذ زيارات للقدس ضمن أنشطتها الخيرية والاجتماعية داخل المدينة المقدسة، إذ يؤكد مسؤول العلاقات الخارجية وإدارة المشاريع في الجمعية عبد المعطي شمسي باشا أن زيارات المواطنين الأتراك للقدس عززت ارتباط الأتراك بالمدينة المقدسة.

 

ويرصد عبد المعطي أهم مشاهدات زوار القدس من الأتراك قائلا إن المقدسيين كانوا يتعاملون معهم ومع الوفود القادمة من تركيا بـ"حذر" بادئ الأمر جراء العزلة التي عاشوها، ولحرمانهم التواصل مع "إخوتهم من البلدان الإسلامية الأخرى منذ احتلال القدس"، وإن زوار المدينة من الأتراك كانوا يشعرون بالألم من ذلك.

 

ومع مرور الوقت وتكرار الزيارات أخذ هذا الحال يتغير شيئا فشيئا وفقا لعبد المعطي الذي يؤكد أن زوار القدس باتوا يشعرون اليوم بالفخر من دفء استقبال المقدسيين لهم بعدما "أصبحت لتركيا وأهلها مكانة عظيمة وشعبية كبيرة جدا في القدس".

 

إحياء التآخي
عملت جمعية ميراثنا على مدار عشر سنوات على تشجيع الشعب التركي على زيارة القدس والمسجد الأقصى المبارك، وأخذت تواكب تلك الزيارات بأنشطة ومتابعات تُدخِل المدينة إلى كل بيت في تركيا.

 

ويقول شمسي باشا إن للأنشطة التي يشارك بها العائدون من القدس أهمية كبيرة في "إحياء روح التآخي بين الشعبين الفلسطيني والتركي، ومنح الشعب التركي دوره مجددا بالاعتناء بالقدس وأهلها كما كان يفعل أجدادهم العثمانيون".

 

ويشير إلى أن الجمعية ساهمت بإرسال عشرات الأطباء والمهندسين والحقوقيين والإعلاميين ورجال الدين وناشطي المجتمع المدني الأتراك إلى المسجد الأقصى، حيث يعودون لينخرطوا في عشرات برامج التوعية التي تقيمها الجمعية لرفع اهتمام المجتمع التركي بقضية القدس.

 

وتنقل "ميراثنا" عن صيدلانية تركية زارت القدس مؤخرا قولها إن الزيارة غيرت حياتها كليا بعدما أصبحت القدس القضية التي تحيا لأجلها.

 

بدوره، لا يرى الإعلامي والكاتب التركي أحمد فارول في زيارات الأتراك للقدس شكلا من أشكال التطبيع معإسرائيل، نظرا إلى أن تركيا تقيم علاقات دبلوماسية معها من الأساس، ولأن الزوار الأتراك للقدس يتوجهون إلى المدينة المقدسة للسياحة الدينية فحسب.

 

لكنه ينبه إلى أن على شركات السياحة والسفر التركية التي تنقل الزوار إلى القدس أن تتجنب الاستعانة بأدلاء ومرشدين سياحيين إسرائيليين قد يقدمون معلومات مغلوطة أو خاطئة إلى الزوار الأتراك للتشكيك في هوية القدس الإسلامية والميراث الإسلامي بالمدينة.

 

انزعاج الاحتلال
ويؤكد فارول أن إسرائيل باتت تشعر بالانزعاج من زيارات الشعب التركي للقدس، وهو أمر يستند إلى تقارير إخبارية إسرائيلية تزعم أن تركيا انخرطت في تشجيع انتفاضة القدس الأخيرة والعمل على إذكائها.

 

وخلال الأسابيع الأخيرة اعتقلت إسرائيل مجموعة من السياح الأتراك أثناء وجودهم بالقدس وحققت معهم وأعادت عددا منهم إلى تركيا.

 

وينقل فارول في حديثه للجزيرة نت شهادات عن بعض أولئك الذين جرى احتجازهم وترحيلهم من الأتراك، مبينا أن التحقيق معهم من قبل سلطات الاحتلال كان يتركز على علاقاتهم الشخصية بالفلسطينيين، وسكان القدس خصوصا.

 

ويوضح أن التحقيقات مع الأتراك كانت تنصب أيضا على البحث عما إذا كانوا يقدمون مساعدات مالية لهم.

 

 

المصدر : الجزيرة

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.