المقدسيون يقفون بثبات أمام سياسية هدم المنازل الإجرامية
تمارس سلطات الاحتلال حملة شرسة ممنهجة ضد أهالي مدينة القدس المحتلة وممتلكاتهم؛ في محاولةٍ لتفريغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين وإحلال المستوطنين بدلاً منهم، وتحريف تاريخها الأصيل، وتهويد القدس وتغيير معالمها وتراثها.
ولا تكتفي حكومة الاحتلال بحملات الاعتقال والإبعاد والتنكيل بأهالي القدس والمرابطين فيها، بل تحاول أن تسيطر على كل بيت وحارة وزقاق فيها من خلال زيادة عمليات الهدم للسيطرة عليها والسعي الحثيث لتهويدها.
ورغم كل سياسات هدم المنازل والمنشآت وتهجير السكان والاعتقال والتنكيل والإبعاد، يصر المواطن المقدسي على ثباته في أرضه وتشبثه بمبادئه، ويزداد حبًّا وتمسكًا بمدينته المقدسة، رافضًا كل إجرام الاحتلال وعنجهيته.
ويأتي هدم المنازل المقدسية، لأسباب احتلالية واضحة، أبرزها التضييق على المواطنين المقدسيين؛ بهدف إجبارهم على ترك المدينة، وإلغاء حقهم في الإقامة في القدس، وسحب هوياتهم في مرحلة لاحقة بذريعة نقل مركز حياتهم إلى خارج المدينة.
ويأتي ذلك كذلك لمنح التوسع الاستيطاني مجالا أكبر على حساب الأرض الفلسطينية، واللجوء لسياسة هدم المنازل الفلسطينية إما ذاتياً بهدف قهر المقدسي وإذلاله، وإما من قبل بلدية الاحتلال التي تثقل كاهل المقدسي بعشرات آلاف الشواكل ثمناً لجرافاتها، كل ذلك بدعوى عدم حصول أصحابها على التراخيص من البلدية الإسرائيلية، كأداة لتفريغ المدينة من أهلها.
رفضٌ للاحتلال
وكانت ثلاث عائلات مقدسية رفضت الإذعان لأوامر بلدية الاحتلال بهدم منازلها ذاتيًّا؛ ضمن حملة أطلقها أهالي بلدة سلوان دعوا فيها أهل القدس للصمود ورفض هدم البيوت، ومؤازرة من يهدم الاحتلال بيته ومشاركته ثباته من كل أهل البلد تحت شعار "اليوم هو، وغدًا أنا".
من جهتها، رفضت عائلة عبده القاطنة بجبل المكبر في القدس المحتلة قرار الاحتلال القاضي بهدم منزلها ذاتيا، بدعوى عدم الترخيص، مؤكدة أنها لن تهدمه بيدها، وذلك بعد أن أنذرت بالهدم الذاتي أو هدمه بجرافات الاحتلال عالية التكلفة.
وأكدت العائلة أن هدم البيوت جريمة لا يمكن أن ترتكبها بحق نفسها، وإذا كان الاحتلال يصر على ذلك فليرتكبها بنفسه، ليُفضح أمام كل العالم، حتى لا يكون مرتاح البال بهدم المقدسيين لبيوتهم.
بدورها رفضت عائلة عليان في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة قرار الاحتلال هدم منزلها بدعوى عدم الترخيص، مؤكدة أنها "لن تتركه ولو هدم البيت فوق رأسها، ولن تهدمه بيدها"، مشددة على أن لا سبب قانونيًّا لطردهم وهدم منزلهم.
وقالت: "يحاول الاحتلال من خلال الادعاءات المزيفة طردنا للسيطرة على أرضنا لضمها للمستوطنات. العيساوية اليوم تقلصت كثيرًا، وفيها ضائقة سكانية كبيرة، ويُمنع فيها البناء".
وتساءلت: "لماذا يحق للمستوطنين بناء المستوطنات بينما نمنع ونحرم من البناء وتهدم بيوتنا لادعاءات واهية؟ فهذا السؤال لا جواب له إلا إننا أمام حكومة عنصرية إجرامية".
أما المقدسي عطا جعفر -من جبل المكبر- والذي منح مهلة حتى الـ30 من أغسطس ليهدم منزله بنفسه، يقول: "حاولت أن أهدم منزلي لتجنب دفع التكاليف الباهظة لبلدية الاحتلال، إلا أن قلبي لم يطاوعني ويدي رفضت هدم ماضيَّ وذكرياتي، وحاضري ومستقبلي".
وتساءل جعفر: "كيف يمكن لطفلي أن يستوعب مشهد هدم بيتي بيدي؟! ماذا سأبرر له مستقبلا؟ كيف سأشرح لطفلي أن هذا الأمر خارج عن إرادتي؟"، مشددا على أنه اتخذ قراره بأنه لن يهدم منزله بيده حتى لو كلفه ذلك ثمنًا باهظًا.
وتابع: "منذ 10 سنوات أعيش في حالة نفسية مدمرة بسبب تهديد بلدية الاحتلال بهدم المنزل، فقد جفانا النوم في الفترة الأخيرة لأنه من المتوقع في أي لحظة أن يأتي قرار الهدم. اتبعت كل الوسائل لتجنب ذلك وعجزت! رغم أنني لم أخطِئ يوم بنيت منزلي على أرض والدي".
ويستمر المقدسي وحده بالتصدي لسياسة هدم البيوت بصدره العاري، وصبره وصموده في إطار إعراض العالم العربي والإسلامي عن مساندته.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
اكتب تعليقك