تقديرات أمنية إسرائيلية: الضفة تقترب من نقطة الغليان بسبب الأزمة الاقتصادية
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الصادرة اليوم الأربعاء، النقاب عن أن أعضاء كبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حذروا مؤخرا القيادة السياسية في دولة الاحتلال، من أن الأزمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية تزداد سوءًا، ويمكن أن تؤدي إلى اندلاع عنف.
وبحسب الصحيفة، فإن المسؤولين الإسرائيليين في المؤسسة الأمنية، ترى أنه لا بد من إيجاد حل لاستئناف التنسيق الأمني بين الطرفين، مما يسهل على الفلسطينيين التعامل مع الصعوبات التي واجهوها بسبب وباء كورونا - وهي الصعوبات التي وصفها المسؤولون بأنها "الأكثر خطورة" هناك في العقد الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز الأمن الإسرائيلي يزعم أن تطور الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة منح إسرائيل قدرا كبيرا من الهدوء، وأن ارتفاع مستوى حياة الفلسطينيين حفزهم على الامتناع عن التصعيد الأمني، في أعقاب عدة أحداث حساسة، مثل مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وطرح "صفقة القرن" وتوقيع اتفاقيتي التحالف وتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" وبين الإمارات والبحرين.
وادعت الصحيفة، أن الاحتجاجات في الضفة في السنوات الأخيرة تمحورت حول قضايا مدنية، مثل الأجور والتقاعد وغلاء المعيشة
وبحسب المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي، فإن انتشار فيروس كورونا غيّر صورة الوضع، واعتبروا أن سيناريو انهيار السلطة الفلسطينية واندلاع موجة عنف في أعقاب ذلك "بات أكثر واقعية"، إلا أن سيناريو كهذا "ليس متوقعا في الفترة القريبة المقبلة".
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الأمنيين قولهم للمستوى السياسي خلال مداولات مغلقة، إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قرر الامتناع عن دخول مواجهة مع إسرائيل، وأنهم وصفوه بـ "الزعيم الفلسطيني المثالي بالنسبة لإسرائيل"، ودعوا إلى السعي من أجل التوصل إلى تفاهمات معه.
وحسب الصحيفة، يسود اعتقاد في جهاز الأمن الإسرائيلي، بأن إسرائيل والسلطة الفلسطينية "معنيون بإعادة التنسيق الأمني بين الجانبين".
وكان عباس قد أعلن عن وقف التنسيق الأمني في أعقاب نشر "صفقة القرن" وإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن عزمه تنفيذ مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية، تشمل غور الأردن والمستوطنات، وفرض "سيادة" إسرائيل عليها.
وقالت الصحيفة: إن جهاز الأمن الإسرائيلي، يعتقد أنه في إطار تفاهمات باستئناف التنسيق الأمني، ستتم تسوية عدة مواضيع كان لها تأثير على تردي الوضع الاقتصادي في الضفة، بينها تصاريح العمل، والتجارة بين الجانبين، وتحويل إسرائيل مستحقات الضرائب والجمارك إلى السلطة الفلسطينية، التي ترفض استلامها في أعقاب سن إسرائيل قانونا يقضي بخصم رواتب الأسرى وعائلات الشهداء من هذه المستحقات.
وحسب تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي، استنادا إلى معطيات مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني، فإن نصف مليون فلسطيني تقريبا في الضفة الغربية فقدوا مكان عملهم وغرقوا في ديون من جراء أزمة كورونا، وأن هذا الوضع أدى إلى "وهن" أجهزة الأمن الفلسطينية، الأمر الذي "يثير قلقا" إسرائيليا.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي مطلع للصحيفة، إن رئيس جهاز المخابرات العامة "شاباك" ناداف ارغمان، والمسؤول عن منطقة القدس والضفة الغربية في الجهاز "يحافظان على قناة مفتوحة" مع السلطة الفلسطينية، وأنه "تم تقديم وثيقة تضمنت كافة ردود الفعل المحتملة من جانب السلطة الفلسطينية على الضم، والموقف حيال كافة السيناريوهات هو أن هذا حدث لا يمكن تليينه، وسيكون له تأثير حاسم على الوضع في السلطة الفلسطينية وعلينا، انطلاقا من الاعتقاد أن الوضع الاقتصادي سيكون قابلا للاشتعال.
واضافت الصحيفة أن موقف جهاز الأمن كان قاطعا، وهو أنه علينا في موازاة كافة الخطوات في المنطقة، وضع أفق أمام الفلسطينيين، وشيء ما بالإمكان التمسك به.
وأشار المسؤول نفسه إلى أن الوضع الاقتصادي في السلطة الفلسطينية ليس موجودا على رأس سلم أولويات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، "وهو لم يكن مسؤولا عن الحلبة الفلسطينية في أي منصب تولاه في الماضي، وكوخافي يرى في (جبهة) الشمال التهديد المركزي وجل اهتمامه منصب هناك".
يشار إلى أن إجمالي ايرادات السلطة الفلسطينية تراجع بنحو 70 في المائة، جراء أزمتي المقاصة وجائحة كورونا، وفق بيانات وزارة المالية الفلسطينية.
والمقاصة، عائدات الضرائب الفلسطينية على وارداتها من الاحتلال الإسرائيلي والخارج، مقابل عمولة 3 في المائة تجبيها تل أبيب نيابة عن السلطة.
ويبلغ معدل أموال المقاصة نحو 200 مليون دولار شهريا، تقتطع منها سلطات الاحتلال نحو 40 مليونا، مقابل خدمات للفلسطينيين، خصوصا الكهرباء.
وفي 20 أيار/مايو الماضي، أعلن رئيس السلطة محمود عباس، أنه أصبح في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما فيها الأمنية، وذلك ردا على عزم حكومة الاحتلال بدء إجراءات ضم غور الأردن، والمستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، في الأول من تموز/يوليو المقبل.
المصدر: قدس برس
اكتب تعليقك