يزن غريب.. فنان فلسطيني يتذوق القهوة بريشته
"القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريات" .. قالها يوما الشاعر الفلسطيني محمود درويش، لتجسيد روعة مذاقها وأجوائها، تماماً كشعراء وكتُاب كُثر، سطّروا في ارتشافها أبيات شعر وقصائد، قبل أن تتحول حبوب "الذهب الأسود" إلى مادة خام يُستخدم مشروبها في رسم لوحات فنية تختلط فيها رائحة البن بمعانٍ جديدة للتميّز والفن.
الفنان التشكيلي الفلسطيني يزن غريب، يعد واحداً ممن رأوا في القهوة حكاية يجسدّها في رسوماته، فرسم معالم المدن الفلسطينية التاريخية في لوحات كثيرة مستخدماً القهوة، بدلاً من الألوان المائية والزيتية التي اعتاد عليها الرسامون.
كانت البداية في عام 2006، بحسب ما قاله الفنان غريب من مخيم "الدهيشة" في بيت لحم , فبعد أن انسكب فنجان قهوته في مساء إحدى الأيام، على لوحة فنية كان يعدّها لمشروع تخرجه من الجامعة، خطرت الفكرة في باله وبات يلجأ إلى فنجان القهوة ليغمس ريشته فيه، معلنا عن ولادة لوحة فنية جديدة حازت على إعجابه، وقبول مدرسّيه.
ويقول غريب "لم أكن أول من رسم لوحات فنية باستخدام القهوة في العالم، لكن وعبر مهارتي وتخصصي الدراسي في فن الابتكار، فقد تميزت في أسلوبي الخاص".
ويضيف "لا أحتاج في رسم اللوحات بريشتي سوى لقدح وفنجان من القهوة، يحدد درجات غمق لونها، فاللوحات مبنية على مبدأ الطبقات، فأرسم طبقة وأنتظر حتى تجف، ومن ثم أرسم طبقة أخرى حسب رؤيتي للشكل النهائي للوحة".
وأقام غريب عدة معارض في الضفة الغربية للوحاته الفنية التي رسمها بالقهوة، وكان أخرها قبل أيام في الخليل بعنوان "نكهة الروح"، استعرض فيها رسومات للمدن الفلسطينية التاريخية بطرازها المعماري القديم وأبرز فيها تفاصيل حكاية الفلسطيني، وارتباطه بأرضه وتراثه القديم.
ويشعر غريب من نظرات زائري المعارض التي يقيمها، أنهم يتذوقون القهوة بعيونهم كأنهم يرتشفونها من اللوحات المعروضة، فيبدو الإعجاب على وجوههم من هذا الفن الجديد في الأراضي الفلسطينية، لاسيما وأن للقهوة العربية رمزية مع التراث الفلسطيني، لا زال الابناء يحافظون عليها كما الآباء والأجداد.
ويشير غريب الذي ينحدر من قرية "فرعة" في القدس المحتلة، ويقطن اليوم في مخيم الدهيشة، إلى أن رسوماته عن المدن الفلسطينية القديمة، يستمدها من صور وتخيلات لواقع هذه المدن القديمة قبل عام 1900 ميلادي، مع تأكيده على الحفاظ على المعالم الأساسية لتلك المدن والطراز العمراني لها، فرسم مدن يافا القديمة والقدس العتيقة وكنيسة المهد وغيرها.
إبداع الفنان التشكيلي غريب، لم يتوقف عند رسم لوحات المدن التاريخية فحسب، بل انطلق في خياله لترجمة بعض مسرحيات الكاتب "وليام شكسبير"، إلى لوحات فنية يرسمها بريشته المغموسة بالقهوة.
ويعتبر غريب ان للفنان رسالة يحاول إيصالها، وأن ما يرسمه من لوحات تعبّر بالضرورة عما يجول في خاطره، وما يأمله من مستقبل زاهر لبلاده، فيحاول دائماً إيصال رسائل ذات هدف.
ويرى في الفن التشكيلي لغة عالمية تخاطب الشعوب على اختلاف لهجاتهم ودولهم، وأن لهذا الفن القدرة على أن يوصل الرسالة بشكل أقوى من الكلمات والخطابات للمتلقين.
المصدر : وكالة قدس برس للانباء
اكتب تعليقك