مؤتمر أمريكي لمناقشة أزمات غزة.. فهل هو جزء من صفقة القرن؟
عقد في العاصمة الأمريكية مؤتمر لمناقشة أزمات قطاع غزة المتفاقمة في الوقت الذي يتواصل فيه الحصار عليها للعام الثاني عشر على التوالي، ولا تبدو أن هناك معطيات حقيقة بشأن موعد رفع الحصار أو إمكانية إيجاد وسائل للتنفيس عبر حل الإشكاليات.
وآثار غياب السلطة الفلسطينية عن المشاركة أو أي جهة رسمية عن المؤتمر وسط حضور عربي لبعض دول الخليج إلى جانب الأردن ومصر واللجنة الرباعية، التحفاظات حول أسباب هذا الغياب، ومدى ارتباط المؤتمر الذي يشرفه عليه جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جريد كوشنير، بصفقة القرن المزعم الإعلان عنها في أي لحظة.
ويتفق مراقبون على أن المؤتمر الذي يعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن بهذه الطريقة يهدف إلى تنفيس غزة وإقصاءها عن المشهد وتحييدها قدر الإمكان قبيل طرح صفقة القرن الذي على ما يبدو تحظى بقبول بعض الأطراف والجهات العربية المشاركة في المؤتمر.
تمهيد للصفقة
في السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي وسام أبو شمالة إنه من الواضح أن إدارة ترامب تقوم بالتمهيد لصفقة القرن على أكثر من طرف وجهة، ويبدو أن واشنطن تريد إيصال رسالة أن الطرف الفلسطيني رغم كونه جزءاً من المشهد إلا أنه ليس مقرراً فيها.
وأضاف أبو شمالة أنه من الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية تريد إيصال رسالة مفادها أنه بإمكان تمرير الخطة حتى بدون المشاركة الفلسطينية عبر الحضور العربي الذي يبدو أن أغلب الأنظمة العربية تبحث عن الرضا الأمريكي على حساب المصلحة الفلسطينية.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أن المطلوب حالياً هو احتواء غزة التي تعتبر أحد العوائق أمام تمرير صفقة القرن بسبب تمسكها بالسلاح وبخيار المقاومة خصوصاً حركة حماس، لافتاً إلى التصريحات التي أطلقها كوشنر في أعقاب اتفاق المصالحة حينما تحدث بأن الهدف منها هو إعادة السلطة لغزة وهي التي تلتزم بالاتفاقيات الدولية وتنبذ خيار المقاومة.
وتابع: “هذا المؤتمر يدرس معضلة غزة خصوصاً في بقاء سيطرة حماس عليها ولو كان الأمر بشكل غير رسمي لكنها هي الحاكم بحكم وجودها، ويبدو أن المطلوب تحييد الحركة والمطلوب احتوائها سواء عبر السلطة الفلسطينية أو من خلال علاقتها بالمحيط العربي وتحديداً مصر”.
ونوه أبو شمالة أنه لو نجح الخيار الأول المتمثل في تحييد الحركة عبر التنفيس ورفع بعض الأزمات التي تواجه القطاع وتحسين حركة التنقل عبر المعابر فسيكون خياراً مثالياً، مستطرداً: ” لكن في حال عدم نجاح هذا الخيار فستبحث الأطراف عن خيارات أخرى خصوصاً وأن هناك خشية حقيقة من انفجار الأوضاع في غزة وهو ما يخشاه الاحتلال والإدارة الأمريكية”.
ولفت إلى أن تحميل حركة حماس المسؤولية بشكل متكرر عن الأزمات يهدف لزيادة الضغط على الحركة من أجل تعزيز القناعة لدى أكثر من مليوني فلسطيني بغزة بضرورة عودة السلطة لها وفرض سيطرتها.
وعن غياب السلطة الفلسطينية عن المشاركة بشكل رسمي علق الكاتب والمحلل السياسي: “لا توجد تأكيدات رسمية عن توجيه دعوة أمريكية ورفضها من السلطة، إلا أنه من الممكن أن يكون وجهت دعوة وجرى رفضها في إطار عدم لقاء بعض الشخصيات في الإدارة الأمريكية ككوشنر وغرينبلات”.
وأكمل أبو شمالة : “أو قد يكون لم تدعى السلطة رسمياً للمؤتمر وما يجري هو رسالة لها بأن عليها اللحاق بالقطار وأن تكون جزءاً من الصفقة الذي يجري تجهيزها للقضية الفلسطينية”.
وشاركت في المؤتمر الذي انطلق الثلاثاء في واشنطن كل من مصر، الأردن، السعودية، قطر، الإمارات، البحرين، سلطنة عمان، كندا، قبرص، فرنسا، ألمانيا، إيرلندا، دولة الاحتلال، إيطاليا، اليابان، هولندا، النرويج، سويسرا، السويد، الولايات المتحدة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومكتب اللجنة الرباعية.
علاقته بمؤتمر روما..!
من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن المؤتمر يعتبر تمهيداً لصفقة القرن خصوصاً أنه جرى دعوة 19 دولة للمشاركة فيه إلى جانب أطراف دولية، في الوقت الذي من المفترض أن يعقد مؤتمر في روما تشارك فيه 90 دولة خاص بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا.
وقال عوكل إن المؤتمر يهدف على الأرجح لقطع الطريق عن مؤتمر الأونروا إلى جانب تقديم الأموال التي تذهب للمؤسسة الأممية لصالح أهالي غزة وتعزيز خيار دولة غزة، مؤكداً على أن الإدارة الأمريكية تحضر الميدان لتنفيذ مخططها بالتعاون مع الاحتلال.
واستغرب الكاتب والمحلل السياسي من حالة التعاطي الإنساني الغريبة من قبل إدارة ترامب مع أزمات القطاع، خصوصاً أن نتنياهو سبق وأن تحدث هو ووزراء حكومته عن ميناء ومطار وغيرها من المشاريع التي لم تنفذ، لافتاً أن المساعدة الحقيقة لسكان القطاع تكون عبر رفع الحصار.
ولم يخفي عوكل وجود محاولات لاحتواء غزة وفصائل المقاومة بها، وهو ما يتطلب أن تبقى حالة الانقسام موجودة لأطول فترة ممكنة، مشيراً إلى أن كل الأطراف تبذل محاولات لاحتواء غزة عبر الضغط على حركة حماس، وما يجري من مساعدات مغلفة بالغلاف الإنساني تعزز خيار دولة غزة وإن لم يعلن ذلك بشكل رسمي.
المصدر: قدس الاخبارية
اكتب تعليقك