"انتخابات بالتوالي".. هل يغادر شبح الانقسام في 6 أشهر؟
طقس المصالحة الفلسطينية غائم جزئيًّا منذ عدة أسابيع، وصبر الفصائل الفلسطينية مستمر أمام مشوار طويل من الحوارات لم يحرز هدفاً واحداً حتى الآن للتغلب على الانقسام.
قبول إسماعيل هنية -رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- بإجراء انتخابات فلسطينية لمؤسسات المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني على التوالي دون شرط التزامن القديم قد يدفع العجلة، لكن واقع التنفيذ هو ما يبدد غيوم الانقسام.
ويشير مراقبون للشأن السياسي الفلسطيني أن ترحيب محمود عباس -رئيس السلطة الفلسطينية- بموقف هنية يعد حصيلة اتصالات وضمانات شاركت فيها "تركيا-قطر-مصر-روسيا" وربما المملكة الأردنية الهاشمية لاحتواء الموقف هذه الجولة.
وكانت عجلة الحوار الفلسطيني مضت عام 2020م للأمام عقب اجتماع الأمناء العامين في بيروت ورام الله ولقاء إسطنبول، لكن خيبة الأمل أطلت برأسها في تفاصيل إجرائية سريعاً غادرت معها آمال المصالحة مجدداً.
بالتوالي لا التزامن
دبلوماسية الإقليم لدول مؤثرة في الملف الفلسطيني لم تهدأ طوال شهور في عواصم مثل القاهرة وإسطنبول والدوحة لإحداث خرق في معضلة الانقسام خاصةً مع اقتراب حلول إدارة "بايدن" على البيت الأبيض.
وكان إسماعيل هنية -رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- أكد استعداد الحركة لاستئناف الحوار الفلسطيني وإنجاز اتفاق وتفاهم فلسطيني لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالتوالي والترابط في غضون 6 أشهر.
أشار هنية -خلال كلمة متلفزة له- إلى أنه تلقى رسالة خطية جوابية من رئيس السلطة أبو مازن فيها ترحيب بمضمون رسالته، والتزامه بإجراء الانتخابات وتحقيق مبدأ الشراكة في بناء المؤسسات الفلسطينية، وكذلك تلقى رسالة من الإخوة في مصر وقطر وتركيا، أكدوا فيها هذا الموقف.
أما رئيس السلطة، محمود عباس فرحب في وقت سابق بمضمون رسالة استلمها من هنية، حول "إنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات".
وقالت رئاسة السلطة: إن عباس، تسلم رسالة خطّية من هنية، نقلها له أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جبريل الرجوب كانت "بشأن إنهاء الانقسام وبناء الشراكة، وتحقيق الوحدة الوطنية من خلال انتخاباتٍ ديمقراطية بالتمثيل النسبي الكامل، وانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالتتالي والترابط".
ويؤكد المحلل السياسي مصطفى الصواف أن الجديد في مشهد التوافق الفلسطيني هو وجود ضمانات من 4 أطراف هي "مصر-تركيا-قطر-روسيا" وربما المملكة الأردنية الهاشمية التي أجرت اتصالات مكثفة وشهدت لقاءات مع رئاسة السلطة وممثلين عن حماس مؤخراً.
ويضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "مواقف تلك الدول دفعت حماس لتجديد الحديث عن المصالحة والانتخابات علماً أن عباس زار عواصم تلك الدول حديثاً، وأبدى قبول بإجراء انتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني بالتوالي في غضون 6 أشهر".
الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس كانت متمسكة حتى حوارات القاهرة الأخيرة بإجراء الانتخابات بالتزامن خشية فشل اكتمال نجاح ملف الانتخابات أو الاكتفاء بانتخابات المجس التشريعي، وهنا عادت هامة الانتكاسة تطل من جديد.
يقول المحلل السياسي طلال عوكل: إنّ الأطراف الفلسطينية وقعت مراراً على اتفاقيات لم تنفذ، لكن الجديد هذه المرة وجود حدث إجرائي بعد وقت طويل من الخلاف حول ملف الانتخابات.
انتخابات بالتوالي أم بالتزامن، هكذا رقد الشيطان في تفاصيل المصالحة لوقت طويل رغم حاجة الفلسطينيين كافة لإنهاء الملف الذي يتوّج الحديث عنه الآن برسائل خطية ودبلوماسية دول مؤثرة على كل من فتح وحماس.
ويتابع عوكل لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "الحديث عن توالي الانتخابات في ملف التشريعي والرئاسية والمجلس الوطني قد يزيل عقبة أساسية؛ لأن ملف الانتخابات مهم وحقيقي وقد لا ينهي الانقسام كليًّا، لكنه بداية مهمة على طريق مصالحة متدرجة".
مشهد جديد
وعلى قاعدة "الثابت الوحيد في السياسة هو المتغيّر"، تدرك الأطراف الفلسطينية كافّة أن عودة الديمقراطيين لإدارة البيت الأبيض واستئناف التسوية ومواجهة العدوان الصهيوني الآخذ في تهويد فلسطين وتجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية ضرورة للتكيف مع المشهد السياسي الجديد.
دوماً كانت تنتهي جولات الحوار الفلسطيني بفشل عكس حالة إحباط من انتهاء الانقسام، لذا الكل يترقب الآن نجاح دبلوماسية الحوار وسط تحديات متصاعدة حول القضية الفلسطينية في سياق التطبيع وإدارة أمريكية جديدة.
ويقول المحلل الصواف: إنَّ رسالة هنية بقبول انتخابات متوالية خلال 6 أشهر كانت موجهة لجميع القوى الفلسطينية ودول الإقليم المؤثرة في المشهد، وليس لحركة فتح أو عباس وحده.
وإذا دارت العجلة فإنَّ رئاسة السلطة ستصدر 3 مراسيم بشأن إجراء انتخابات، مرسوم يتعلق بالانتخابات التشريعية وآخر للرئاسة وثالث للمجلس الوطني والكل يرجو أن يكون المرسوم يفوق قيمة الحبر الذي كتب به.
يقول: السلطة الفلسطينية معنية حتماً بتجديد شرعية مؤسساتها أمام الموقف الأوروبي والأمريكي الذي صرّح مراراً بذلك منذ وقت طويل حتى يجرى استئناف الدعم المالي والدبلوماسي للسلطة.
ويؤكد المحلل عوكل أن تجديد الشرعيات مرتبط بمصالحة تجمع غزة بالضفة حتى تنجح أي جولة حوار في ملف التسوية خاصّة أن الديمقراطيين في إدارة "بايدن" عادوا للحديث عن المفاوضات وحل الدولتين.
ويتابع: "حماس لا تريد أن تكون مسؤولة عن تعطيل أي حوار فلسطيني وصل لمرحلة متقدمة وتريد إعادة صياغة الشرعيات، ودفع عجلة القضية الفلسطينية بشكل كامل".
التصريحات الصحفية والنوايا الحسنة لدى الأطراف الفلسطينية خاصّة فتح وحماس لا تكفي لنجاح ملف الانتخابات أو إنجاز المصالحة، فالخشية من تعطّل العجلة في إحدى مراحل الانتخابات سواء للمجلس التشريعي أو الرئاسة أو المجلس الوطني. عندها ستمنح المناكفات والتجاذبات حقنة تشجيع لشبح الانقسام الثقيل.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
اكتب تعليقك