الخميس, 28 مارس 2024

اللغة المحددة: العربية

الصفحة الرئيسية > المشاركات > الإرهاب الإسرائيلي

مجزرة الحرم الإبراهيمي.. سجدة قللت عدد الشهداء إلى 29

يواصل الاحتلال الإسرائيلي فصول مجزرته بحق الفلسطينيين في الخليل والحرم الإبراهيمي منذ احتلال المدينة عام 1967، وكانت مجزرة الحرم عام 1994 الفصل الأبشع في سلسلة جرائمه

سجد إمام الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الشيخ عادل إدريس بعد قراءته 4 آيات قرآنية في الركعة الأولى من صلاة فجر يوم الجمعة 15 رمضان 1415هـ الموافق 25 فبراير/شباط 1994، وذلك عندما سمع أصوات الرصاص تطلق في جميع الاتجاهات على المصلين بعد أن اقتحم المستوطن "باروخ غولدشتاين" الحرم الإبراهيمي وبدأ بإطلاق النار على المصلين الذي كان عددهم زهاء 450 فلسطينيا.

يقول الشيخ إدريس للجزيرة نت إن وجود سجدة تلاوة بين آيات الركعة الأولى هي التي قللت عدد الشهداء والجرحى لأن غولدشتاين كان يخطط لإطلاق النار من بندقيته "إم 16" نحو المصلين وهم وقوف، فارتقى 29 شهيدا وأصيب 150 آخرون (داخل المسجد وفي الصدامات التي تلت الحادث مع قوات الاحتلال)، قبل أن يهاجمه المصلون ويجهزوا عليه.

 

هجمات قبل المجزرة

لا يزال الشيخ إدريس يستذكر كل تفاصيل المجزرة التي سبقها تهديد من المستوطنين في صلاة التراويح في اليوم السابق بأنهم سيهاجمون المصلين، ولم تتوقف مضايقاتهم يوما منذ اللحظة الأولى لاحتلال الخليل عام 1967، والتي كانت بإحراق سجاد المسجد وإلقاء الحجارة والأحذية على المصلين والاعتداء عليهم.

ويتحدث الشيخ عن شقيقه الشهيد سليم الذي كان أبا لطفل وكانت زوجته حاملا، وقد أصيب في المجزرة، وعندما تمت محاولة إسعافه فارق الحياة بعد أن اخترقت رصاصة كتفه وأخرى رأسه، ويستذكر الشيخ أيضا الشهيد عطية السلايمة الذي قتل برصاص الاحتلال وهو يقوم بدفن أحد الشهداء، واستشهد ثالث بعد تبرعه بالدم لأحد جرحى المجزرة.

ويكشف الشيخ إدريس للجزيرة نت أن غولدشتاين لم يكن وحده في الحرم لحظة المجزرة، وإنما كان هناك 15 مستوطنا قدموا لحمايته، ويثبت ذلك أن أحد الجرحى الذين تم نقلهم إلى الأردن لمعالجته تبين أنه مصاب بشظايا قنبلة غير رصاص سلاح المستوطن غولدشتاين.

بينما يرى مأمون وزوز الذي كان وقتها بعمر 18 عاما كيف غيّر مكان صلاته قبل تكبيرة الإحرام بقليل، ليكون قريبا من مكان حماه من الرصاص.

يعتقد وزوز أن المسمى الأصح للمجزرة هو "مجزرة الخليل"، لأن قتل الفلسطينيين لم يكن داخل الحرم فقط، وإنما امتد بعد ذلك برصاص جيش الاحتلال أثناء تشييع الشهداء وحول المستشفيات التي كانت تعالج المصابين.

ويؤكد وزوز للجزيرة نت -كونه شاهد عيان- أن المجزرة كانت مدبرة، وأكبر دليل هو أن الأمر ليس عملا إرهابيا، بل تبعه معاقبة الضحية ومكافأة الجلاد بإعطائه مساحة كبيرة من الحرم ومحيط البلدة القديمة، كما هو الحال في شارع الشهداء والسهلة والسوق القديم وغيرها.

 

معاقبة الضحية

شكلت سلطة الاحتلال بعد المجزرة بعدة أشهر لجنة "شنغار" التي ظهرت وكأنها حلت المشكلة من خلال التقسيم الزماني والمكاني للحرم الإبراهيمي، فكان جزء منه لليهود والجزء الآخر للمسلمين، على أن يفتح كاملا 10 أيام في العام لكل جانب.

وبعد 27 عاما على وقوع المجزرة يمنع رفع الأذان في الحرم ما بين 500 و600 مرة في العام الواحد، ويغلق الحرم كاملا في الأعياد اليهودية أمام المسلمين، ويسمح للمستوطنين بإقامة الحفلات والمناسبات.

وخارج الحرم يقول مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان إنه تم تقسيم البلدة القديمة في الخليل ومحيطها إلى 4 أقسام: منطقة اللون الأخضر يسمح للفلسطينيين التحرك فيها بحرية، وأخرى زهرية يسمح للفلسطيني بدخولها سيرا على الأقدام بعد تفتيشه على الحواجز والبوابات الإلكترونية، وثالثة صفراء يدخلها الفلسطينيون من سكان المنطقة فقط، ورابعة حمراء يمنع على الفلسطينيين دخولها وهي تشكل ما يقارب 15% من مساحة المنطقة، بينما باقي المساحات تقسم تقريبا على المناطق الثلاث الأخرى.

 

مجزرة إنسانية مستمرة

يبقى أن يشار إلى أن المناطق الأربع وكل التقسيمات التي حدثت يتحكم فيها جانب واحد وجندي واحد وهو الإسرائيلي، رغم أن عدد الفلسطينيين اليوم في البلدة القديمة يقارب 10 آلاف، وكانوا قبل المجزرة قرابة 400 فقط.

وفي المقابل – حسب حمدان-  ادعى الاحتلال أنه قبل المجزرة كان عدد المستوطنين 400، لكنهم في الحقيقة لا يتجاوز عددهم 200 مستوطن، واليوم تشير التقديرات إلى أنهم بعد كل هذه السنوات وبعد سيطرتهم على كل هذه المساحات لا يتجاوز عددهم 400 مستوطن يحمي كل واحد منهم 4 جنود.

والآن استغل الاحتلال جائحة كورونا وقرر إغلاق الحرم بشكل كامل، ولكنه يغلقه أمام الفلسطينيين فقط، وسمح في بداية تخفيف إجراءات كورونا لـ40 فلسطينيا بالصلاة، ثم قلصهم إلى 20 شخصا، وهم عمليا السدنة والمشرفين على الحرم.

كما يُمنع الفلسطينيون الآخرون من دخول الحرم بحجة أن الـ20 شخصا المسموح لهم موجودون فيه، وهو دليل على أن المعركة ما زالت دائرة رغم التعزيز الفلسطيني فيها، ورغم كل هذا التغول والاستيطان إلا أنه بعد 27 عاما من المجزرة لا يزال الفلسطينيون متمسكون بالحرم الإبراهيمي، ويعززون وجودهم حوله ويقيمون صلاتهم فيه، كي يبقى معلما إسلاميا مقدسا رغم كل تضييق الاحتلال.

 

المصدر : الجزيرة

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.