الثلاثاء, 23 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

يوسف فرحات.. غزة تودع العالم الثائر

هكذا على غير استئذان رحل العالم يوسف فرحات عن فلسطين وغزة التي أحبها وأحبته، آخر كلماته كانت تغريدة على صفحته بموقع فيسبوك دعا فيها لاغتنام فرصة العبادة مع حلول ليلة منتصف شعبان. 

ووسم فرحات بأصابعه فوق هاتفه النقال تغريدة قبل وفاته بساعات كتب فيها: "هذه ليلة النصف من شعبان يغفر الله لكل إنسان إلا مشرك ومشاحن فسارعوا إلى الصلح مع إخوانكم وسامحوهم حتى تشملكم الرحمة والمغفرة".

وعمّ الحزن قطاع غزة ومخيم النصيرات وهم يودعون أحد محدثي علم الحديث الشريف، وإمام مسجد القسام لأكثر من 20 عاما بعد حياة حافلة بالعلم والمقاومة.

وحمل مقاومو كتائب القسام جثمان الراحل فرحات في موكب تشييع مهيب حضره الآلاف من رجال قطاع غزة يتقدمهم علماء وقادة من أجنحة المقاومة وطلاب فرحات الذين واظبوا على دروسه العلمية.

ونعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، صباح اليوم الأحد، "أحد قادة الحركة وعلما من أعلام الجهاد والمقاومة والدعوة"، الدكتور يوسف علي فرحات، "أبو الحسن"، بعد رحلة طويلة من الجهاد والعلم والعطاء.

وقالت الحركة في بيان صحفي: "إننا إذ نودع الشيخ القائد أبا الحسن؛ لنستذكر شخصية فريدة جمعت بين العلم والمقاومة، فقد قضى سنوات في سجون الاحتلال بتهمة المقاومة، وتعرّض للتعذيب الذي كاد أن يقضي عليه وقتذاك".

 

رحيل مفاجئ 
غاب الألق عن حلقات العلم في قطاع غزة برحيل الدكتور يوسف علي فرحات أحد مؤسسي جهاز حماس العسكري "كتائب القسام" الذي وافته المنيّة قبيل صلاة الفجر بشكل مفاجئ.

وتقلّد فرحات خلال حياته مواقع ومناصب مهمة في المجتمع الفلسطيني والعمل الوطني أهمها تأسيسه لكتائب القسام وعضوية حزب الخلاص الوطني الإسلامي وناطقاً باسم حركة حماس وإماماً لمسجد القسام.

كما عمل فرحات رئيساً لمجلس جمعية العلم والثقافة ولجان الزكاة وعضواً ومديراً في كثير من مؤسسات المجتمع المدني، وتنقل بين إدارات ومديريات وزارة الأوقاف والشئون الدينية حتى يوم رحيله.

وحصل فرحات في وقت متأخر بسبب ظروفه المالية الصعبة على شهادة الدكتوراه في علم الحديث الشريف من أحد الجامعات اللبنانية في مدينة طرابلس قبل سنوات.

وأكد د. عبد الرحمن الجمل النائب في المجلس التشريعي، وأحد أصدقاء فرحات المقرّبين، أن الراحل أمضى حياته في طلب العلم ووعظ الناس والسعي لخدمة الفقراء والمحتاجين.

وأضاف: "فرحات رجل حاز على سهم في كافة أعمال البرّ والخير, مصابنا جلل وإنا لمحزونون على فراق المحدّث الحافظ الزاهد، محبتنا له هي السير على طريقه، لم يفته الاعتكاف طول عمره في رمضان سوى مرة في عدوان 2014م وثانية في جائحة كورونا".

وامتاز فرحات بتبنيه للفكر الوسطى والمعتدل في جماعة الإخوان المسلمين، وحرص على التواصل مع أبناء شعبه كافة، مفضلاً التنقل في المواصلات العامة والالتقاء الدائم بالجمهور، وتعزيز ثقافة التسامح في الإسلام.

وامضى فرحات آخر ساعات من حياته في مجلس علم تدارس فيه مع طلابه كتاب صحيح البخاري "باب الصيام" مجدداً لجلسائه وعداً قطعه في نفسه بالاعتكاف هذا العام طيلة أيام شهر رمضان المقبل.

وأشار عبد الهادي الأغا، وكيل وزارة الأوقاف والشئون الدينية بغزة، أن فرحات كان منشغلاً حتى العاشرة من ليلة وفاته بتنظيم لقاء لخطباء ووعاظ وزارة الأوقاف.
 
وتابع: "حدد موعدا للاجتماع بهم في العاشرة من صباح الأحد في مدينة رفح، لكنه رحل قبل ساعات من لقائهم، وقررنا أن يمضي الاجتماع وفق الخطة التي أعدها".

 

ثائر وزاهد

 وامتلك فرحات قلماً رشيقاً رصع به رؤيته الفكرية التي حملت الوسطية في الإسلام، فنشر مئات المقالات والمنشورات في وسائل إعلام محلية وعربية، داعياً بروح وطنية إلى ضرورة تجميع الجهود للارتقاء بالمجتمع.

ولا يعلم الكثيرون عن دور فرحات السرّي في تأسيس وعمل الخلية الأولى لكتائب القسام في قطاع غزة حيث اعتقله الاحتلال أكثر من ست سنوات تعرّض فيها للتعذيب الشديد الذي أثّر على صحته حتى آخر أيامه.

وكشف جلال صقر الأسير المحرر قبيل الصلاة على جثمان فرحات، أنه كان أحد كوادر مجموعة القسام الأولى، وأنه من دعا تلك المجموعة للإعلان عن اسم التشكيل العسكري الجديد لحركة حماس في موكب تشييع أحد شهداء مخيم النصيرات.

وأضاف: "كان رجل التأصيل الشرعي الأول لكتائب القسام، وعندما اعتقل أوصى من داخل سجنه بتسمية المسجد الذي يؤمّه بمسجد الشهيد عز الدين القسام". 

وتجمع الآلاف من محبي فرحات حول جثمانه في مسجد القسام، بينما امتلأت ساحة المسجد والشوارع المؤدية إليه بالوافدين من جميع أنحاء قطاع غزة لأداء الصلاة على جثمانه.

وذكر أشرف زايد القيادي في حركة حماس، وأحد أصدقاء فرحات، عدداً من المواقف التي خصّه بها فرحات وأهمها محاولته القيام بالقرآن الكريم كاملاً في ركعتي قيام داخل السجن.

وحرص فرحات خلال مشاركته في وفد وزارة الأوقاف والشئون الدينية برحلة الحج إلى الديار الحجازية على تذكير المسلمين بقضية فلسطين واحتلال أرضها.

وأوضح د. إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس في كلمة له قبل دفن فرحات، أن غزة تعيش حزناً كبيراً وهي تودع عالماً وداعية أخلص نيّة العمل.

وتابع: "طاف على الحجيج فوق جبل عرفات في كل رحلة حج وذكرهم بضرورة الدعاء للمقاومة والمقاومين فوق أرض فلسطين المحتلة، وهو رائد عمل المقاومة من لحظاته الأولى في كتائب القسّام".

ويعد غياب فرحات عن المشهد العلمي والفكري في قطاع غزة خسارةً كبيرة لخطيب مفوّه امتلك حكمة الشيوخ ونشاط الشباب، ونشر فكراً إسلامياً مقاوماً اعتمد على التسامح والوسطية في النهج الإسلامي.

 

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في
اكتب تعليقك

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.