السبت, 20 أبريل 2024

اللغة المحددة: العربية

التطبيع!!

 

هل يكون التطبيع المدخل لضرب قوى المقاومة في المنطقة؟

 

لم يعد التعاون والتطبيع العربي الإسرائيلي أمراً محرجاً لدى الكثير من الدول العربية التي لم تجد سوى صورة لمقاوِمين فلسطينيين من بيت لحم وهم يشتبكون مع قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء انتفاضة الأقصى عام 2001 لبثها أثناء اجتماع "التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب" في الرياض مؤخراً، ما يعكس توجهات تلك الدول نحو المقاومة الفلسطينية والقضية بشكل عام.

ومن الواضح أن توجهات بعض الدول العربية تشهد انقالبًا كبيرًا لصالح الاحتلال الإسرائيلي الذي وإن لم يكن مشاركاً بشكل مباشر في التحالف إلا أنه أكثر المبتهجين به، خاصة عقب عرض تلك الصور.

التعاون الإسرائيلي العربي دخل مرحلة جديدة من التمهيد والتبرير لتلك العلاقات والتطبيع، خاصة أن التحالف الذي عقد في الرياض واشتركت به 40 دولة ستعمل على أكثر من مجال منها تبادل المعلومات الاستخبارية والتدريب العسكري بين دوله.

المجتمعون في الرياض أكدوا بأن دول التحالف ستبذل كل جهد ممكن لمكافحة "الإرهـــاب"، "نحن كشعوب عربيّة وإسلامية ضد الإرهاب والإرهابيين، ونتمنى أن يتم استئصالهم، وإيقاف الأعمال الإجرامية التي يرتكبونها ضدّ الأبرياء في أوطاننا وفي أي مكان من العالم"، لكنهم لم يتطرقوا للإرهاب الإسرائيلي والاحتلال والجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين،  ما يمهد لمرحلة صعبة تنتظر الفلسطينيين الذين باتوا بلا ظهير عربي حقيقي ولا حتى محايد وإنما منحاز بقوة للاحتلال فيما يعرف بتلاقي المصالح. وتشير المعطيات أن التقارب والتعاون "السري" بين إسرائيل ودول عربية بات أمراً واقعاً، فلم تعد إسرائيل عدواً بالنسبة للقادة العرب الذين يتقاسمون معها المخاوف العميقة من عدم الاستقرار الإقليمي، وصعود النفوذ الإيراني في المنطقة فهم يعتبرون أن تحالفهم مع إسرائيل هو الضمان الوحيد لحمايتهم من إيران والقوة الضاربة في حربهم ضدها.

وتـرى إسرائيل فوائد عظيمة في تسليط الضوء على التعاون الإستخباري والعسكري والإقتصادي والعالمي، الذي سيدفع باتجاه قبولها في المنطقة، ويقلل الجهود الدولية المبذولة في عزلها، ويحررها من الضغوطات الممارسة عليها من أجل القيام جزء بتنازلات أخرى. وهنا تبرز الخطورة في المسألة والتي من المتوقع أن تنعكس على واقع القضية الفلسطينية، حيث أن التحالف والتطبيع بين العرب وإسرائيل سيدفعهم للضغط على الفلسطينيين للقبول بحلول سياسية تضيع حقوقهم وتصفي القضية، وهــذا بـات هدفاً للطرفين "إسرائيل-دول عربية"، ويعتبر هذا التطبيع تمهيد لتمرير ما بات يعرف بصفقة القرن التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

وهنا يحاول العرب تقديم الخدمات وإظهار ولائهم للإدارة الأمريكية من خلال الضغط على الفلسطينيين، وذلك للحفاظ على أنظمتهم بضمان بقائها واستقرارها.

ويأتي افتتاح التحالف الإسلامي ضد الإرهاب في ظل أجواء إقليمية معقدة ويكتسب أهميته كونه الإنطلاقة الرسمية لعمليات التحالف، رغم الإعلان عن تشكيله في ديسمبر 2015. الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات أكد أن تشكيل التحالف جاء ضمن منطلقات مذهبية، من شأنه أن يعمق من حالة الاستقطاب المذهبي الإسلامي، كما أنـه يخلط عن قصد ما بين الحركات والتنظيمات الإرهابية، من "القاعدة" و"داعش" و"النصرة" وغيرها من المجاميع الإرهابية وبين قوى المقاومة والقوى الجهادية حزب الله قوى المقاومة الفلسطينية ويضعها في نفس الخانة بغرض تجريم قوى المقاومة العربية والإسلامية والفلسطينية.

وبين في مقال له أن الصور التي عرضت للمقاومة الفلسطينية هي مدخل لضرب قوى المقاومة عربية -إسلامية وفلسطينية، وتصفية بيئتها وحواضنها وداعميها والقائلين بالمقاومة، فكراً ونهجاً وخيارا ً وثقافة، وبما يتساوق مع المخططات والمشاريع الأمريكية والإسرائيلية في شيطنة قوى المقاومة، والسعي إلى تطبيع وشرعنه العلاقات معها على مختلف المستويات وبما ينقلها إلى الجوانب التنسيقية والتعاونية والتحالفية العلنية.

 

غزة- شيماء مرزوق

المصدر: صحيفة الرسالة

  • Gravatar - Post by
    منشور من طرف IBRASPAL
  • نشر في

Copyright © 2024 IBRASPAL - Instituto Brasil Palestina. All Rights Reserved.